قصة البطريق الذي حرر الانسان
بسم الله الرحمن الرحيم
نحن الان في العام 1991، اخر سنوات الحرب الباردة . في ذلك الزمان وصلت العلوم الكمبيوترية الى مرحلة متقدمة بحيث بدا جليا ان من يسيطر على هذا العلم سيسيطر على المستقبل. و بالرغم من ان اجهزة الحاسب تطورت و صغر حجمها و انخفضت اسعارها لتكون في متناول الفرد العادي الا ان هناك نقص محسوس في انظمة التشغيل حيث كانت الى ذلك الوقت بدائية و صعبة على المستخدم العادي. في ذلك الزمان كان امبراطور انظمة التشغيل هو النظام المعروف DOS من شركة ميكروسوفت و مع ان نظام Mac OS كان اقوى بمراحل و اكثر تطورا الا ان سعره الخيالي كان يبعده عن متناول العامة . و اما الخيار الثالث فكان نظام يونكس و قد كان كسابقه ذو قيمة عالية جدا تمنع من انتشاره في اوساط العامة. المشكلة الاكبر هنا ان كل هذه الانظمة كانت مغلقة المصدر و نظام كنظام يونكس كان تحت المراقبة الشديدة و التحفظ في مختبرات "بــــل". هذا بالطبع ولد محاولات كثيرة من اشخاص و شركات مختلفة لانشاء نظام تشغيل مناسب و لكن كل تلك المحاولات باءت بالفشل.
و بدا الحل في نظام مينيكس و هو نسخة مصغرة من يونكس و لكنه لا يحوي كل ميزات و قدرات يونكس و لكن على الاقل كان مفتوح المصدر و كان كل من يشتري كتاب – نظام التشغيل – تأليف اندرو تاتنباوم ، يحصل على نسخة من مصدر مينيكس . ملف المصدر كان يحوي 12000 سطرا من اوامر لغة السي و اسمبلي. و لك ان تتصور ما اثاره هذا النظام من فضول في اوساط المبرمجين و الشركات لرؤية كيف يعمل نظام التشغيل في الكواليس . من هؤلاء كان لينوس بيندك تورفالدز الطالب بالسنة الثانية في جامعة هيلسنكي بفنلندا تخصص علوم حاسب . و احب ان انوه بأن اختراق الشبكات كان احد هواياته . و كان طموحه ان يبرمج نظام تشغيل افضل من مينيكس البطيء و الذي لا يصلح الا كبرنامج للتعليم في الجامعات .
لنرجع قليلا الى الوراء الى العام 1984 تحديدا ، حيث اعلن ريتشارد ستالمن عن مشروع GNU الذي احدث ثورة برمجية حيث تعاون الاف المبرمجين ليطوروا برامج تعمل مع يونكس و لكن بقي ان المشكلة الوحيدة هي الحاجة لنظام تشغيل فعال و مفتوح المصدر . مشروع الـ GNU كان مشروعا عملاقا و سعى بعض المبرمجين لايجاد نواة لتكون قادرة على ادارة موارد الكمبيوتر بفعالية و لكن الامر بدا و كانه سياخذ وقتا طويلا مما حدى لينوس ان يكتب نواة مشابهة للمينيكس و في النهاية يوم 25 - 8 -1991 الساعة العاشرة و 57 دقيقة ليلا بتوقيت جرينتش نشر لينوس الرسالة التاريخية التي اعلنت ولادة البطريق المنقذ في مجموعة comp.os.minix .
مضمون الرسالة كان بهذا الشكل تقريبا:
" تحية الى كل من يستخدم مينكس في الوقت الراهن اعمل على نظام تشغيل مجاني يعمل على اجهزة At 386 -486 . – بشكل هاو و ليس بشكل احترافي كمشروع gnu . بدات العمل في شهر أبريل و ارى الان ان النظام يعمل و جاهز للاستخدام . احب ان اعرف ممن يحب مينيكس و ممن يكرهه ايضا لان نظامي الى حد ما شبيه به . في الوقت الراهن لدى النظام 1.0 bash و 1.40 gcc و يبدو ان كل شيء يعمل على ما يرام . و ربما هذا يعني اني في الاشهر القادمة ساطرح شيئا فعالا جدا ! احب كثيرا ان اعرف اراء المستخدمين و اقتراحاتهم و اي اشياء يحبونها في النظام اكثر و مع ذلك لا اعدهم اني سأضيف كل شيء الى النظام .
لينوس
torvalds@kruuna.hilsinki.fi
م : هو مجاني و لكن ربما لا يعمل على اجهزة غير اجهزة AT هذا كل شيء . — " انتهت الرسالة
و يظهر لنا من هذه الرسالة ان حتى لينوس لم يعتقد ان نظامه سينشيء ثورة في انظمة التشغيل . انتشر نظام 0.01 في اواسط سبتمبر و عرض على شبكة الانترنت . و قام بعض المبرمجين بتحميل النظام و تصحيح اخطاءه حتى صدرت النسخة 0.02 في اكتوبر العام نفسه. و هكذا بدأ المبرمجون بالتعاون حتى صدرت نسخة 0.11 و التي كانت افضل من سابقاتها كثيرا تدعم القرص المرن و لوحة المفاتيح متعددة اللغات و الدرايفرز و VGA و EGA . و اعتمد لينكس كمشروع اساسي في GNU مما ادى الى التطور السريع للنظام و قفزت الاصدارات من 0.12 الى 0.95 و هذا بفضل تعامل مبرمجي المصادر المفتوحة و توالت الاضافات كالواجهة الرسومية و دعم الشبكة بشكل كامل في 1994 و بعد دعمه للشبكات اصبح لينكس متميزا في استضافة السيرفرات . و بفضل ثباته تضاعف مستخدموه الى خمسة اضعاف و وصلوا الى نصف مليون مستخدم. و لم تستطع شركات كبيرة كصن و انتل ان تتجاهل هذا النظام فاضافة اليه الاكواد ليعمل على اجهزتها . و بإضافة KDE بدأ المستخدمون العاديون بالتوجه الى هذا النظام بعد ان تعبوا من تنصيب الويندوز !
و الان لا يمكن حتى احصاء مستخدمي لينكس سواء على الحاسب ، السيرفرات ، الموبايل ...الخ.
و بعد هذا هل عرفت عزيزي القارئ لماذا عنونت الموضوع بالبطريق الذي حرر الانسان ؟
دمتم في الرضا ،
نحن الان في العام 1991، اخر سنوات الحرب الباردة . في ذلك الزمان وصلت العلوم الكمبيوترية الى مرحلة متقدمة بحيث بدا جليا ان من يسيطر على هذا العلم سيسيطر على المستقبل. و بالرغم من ان اجهزة الحاسب تطورت و صغر حجمها و انخفضت اسعارها لتكون في متناول الفرد العادي الا ان هناك نقص محسوس في انظمة التشغيل حيث كانت الى ذلك الوقت بدائية و صعبة على المستخدم العادي. في ذلك الزمان كان امبراطور انظمة التشغيل هو النظام المعروف DOS من شركة ميكروسوفت و مع ان نظام Mac OS كان اقوى بمراحل و اكثر تطورا الا ان سعره الخيالي كان يبعده عن متناول العامة . و اما الخيار الثالث فكان نظام يونكس و قد كان كسابقه ذو قيمة عالية جدا تمنع من انتشاره في اوساط العامة. المشكلة الاكبر هنا ان كل هذه الانظمة كانت مغلقة المصدر و نظام كنظام يونكس كان تحت المراقبة الشديدة و التحفظ في مختبرات "بــــل". هذا بالطبع ولد محاولات كثيرة من اشخاص و شركات مختلفة لانشاء نظام تشغيل مناسب و لكن كل تلك المحاولات باءت بالفشل.
و بدا الحل في نظام مينيكس و هو نسخة مصغرة من يونكس و لكنه لا يحوي كل ميزات و قدرات يونكس و لكن على الاقل كان مفتوح المصدر و كان كل من يشتري كتاب – نظام التشغيل – تأليف اندرو تاتنباوم ، يحصل على نسخة من مصدر مينيكس . ملف المصدر كان يحوي 12000 سطرا من اوامر لغة السي و اسمبلي. و لك ان تتصور ما اثاره هذا النظام من فضول في اوساط المبرمجين و الشركات لرؤية كيف يعمل نظام التشغيل في الكواليس . من هؤلاء كان لينوس بيندك تورفالدز الطالب بالسنة الثانية في جامعة هيلسنكي بفنلندا تخصص علوم حاسب . و احب ان انوه بأن اختراق الشبكات كان احد هواياته . و كان طموحه ان يبرمج نظام تشغيل افضل من مينيكس البطيء و الذي لا يصلح الا كبرنامج للتعليم في الجامعات .
لنرجع قليلا الى الوراء الى العام 1984 تحديدا ، حيث اعلن ريتشارد ستالمن عن مشروع GNU الذي احدث ثورة برمجية حيث تعاون الاف المبرمجين ليطوروا برامج تعمل مع يونكس و لكن بقي ان المشكلة الوحيدة هي الحاجة لنظام تشغيل فعال و مفتوح المصدر . مشروع الـ GNU كان مشروعا عملاقا و سعى بعض المبرمجين لايجاد نواة لتكون قادرة على ادارة موارد الكمبيوتر بفعالية و لكن الامر بدا و كانه سياخذ وقتا طويلا مما حدى لينوس ان يكتب نواة مشابهة للمينيكس و في النهاية يوم 25 - 8 -1991 الساعة العاشرة و 57 دقيقة ليلا بتوقيت جرينتش نشر لينوس الرسالة التاريخية التي اعلنت ولادة البطريق المنقذ في مجموعة comp.os.minix .
مضمون الرسالة كان بهذا الشكل تقريبا:
" تحية الى كل من يستخدم مينكس في الوقت الراهن اعمل على نظام تشغيل مجاني يعمل على اجهزة At 386 -486 . – بشكل هاو و ليس بشكل احترافي كمشروع gnu . بدات العمل في شهر أبريل و ارى الان ان النظام يعمل و جاهز للاستخدام . احب ان اعرف ممن يحب مينيكس و ممن يكرهه ايضا لان نظامي الى حد ما شبيه به . في الوقت الراهن لدى النظام 1.0 bash و 1.40 gcc و يبدو ان كل شيء يعمل على ما يرام . و ربما هذا يعني اني في الاشهر القادمة ساطرح شيئا فعالا جدا ! احب كثيرا ان اعرف اراء المستخدمين و اقتراحاتهم و اي اشياء يحبونها في النظام اكثر و مع ذلك لا اعدهم اني سأضيف كل شيء الى النظام .
لينوس
torvalds@kruuna.hilsinki.fi
م : هو مجاني و لكن ربما لا يعمل على اجهزة غير اجهزة AT هذا كل شيء . — " انتهت الرسالة
و يظهر لنا من هذه الرسالة ان حتى لينوس لم يعتقد ان نظامه سينشيء ثورة في انظمة التشغيل . انتشر نظام 0.01 في اواسط سبتمبر و عرض على شبكة الانترنت . و قام بعض المبرمجين بتحميل النظام و تصحيح اخطاءه حتى صدرت النسخة 0.02 في اكتوبر العام نفسه. و هكذا بدأ المبرمجون بالتعاون حتى صدرت نسخة 0.11 و التي كانت افضل من سابقاتها كثيرا تدعم القرص المرن و لوحة المفاتيح متعددة اللغات و الدرايفرز و VGA و EGA . و اعتمد لينكس كمشروع اساسي في GNU مما ادى الى التطور السريع للنظام و قفزت الاصدارات من 0.12 الى 0.95 و هذا بفضل تعامل مبرمجي المصادر المفتوحة و توالت الاضافات كالواجهة الرسومية و دعم الشبكة بشكل كامل في 1994 و بعد دعمه للشبكات اصبح لينكس متميزا في استضافة السيرفرات . و بفضل ثباته تضاعف مستخدموه الى خمسة اضعاف و وصلوا الى نصف مليون مستخدم. و لم تستطع شركات كبيرة كصن و انتل ان تتجاهل هذا النظام فاضافة اليه الاكواد ليعمل على اجهزتها . و بإضافة KDE بدأ المستخدمون العاديون بالتوجه الى هذا النظام بعد ان تعبوا من تنصيب الويندوز !
و الان لا يمكن حتى احصاء مستخدمي لينكس سواء على الحاسب ، السيرفرات ، الموبايل ...الخ.
و بعد هذا هل عرفت عزيزي القارئ لماذا عنونت الموضوع بالبطريق الذي حرر الانسان ؟
دمتم في الرضا ،