عن شريعتي و الهندوسية و البوذية
بسم الله الرحمن الرحيم
ملاحظات جالت في ذهني عندما قرات كلاما للدكتور علي شريعتي بخصوص البوذية و الهندوسية . و لكن قبل ان اتطرق لهذا الموضوع احببت ان اشير الى بعض ما وصلت اليه من خلال قراءاتي لنتاج الدكتور.
من ناحية لا يمكن انكار ان الدكتور يتمتع باسلوب ادبي عال جدا هذا مع ملاحظة ان كتاباته اجتماعية و علمية و ليست ادبية صرفة ، و لكن الاسلوب الادبي و دقة اختيار الالفاظ و تركيب الجمل غاية في الاتقان و اجمل سمة في اسلوبه هي الاسترسال و تقصي المعنى الى اخر رمق مع تلاعب في تركيب الجمل متقصد و لكن غير متكلف.
الامر الظاهر و الذي لا يخفى هو ظهور الانا في كتاباته بشكل فاضح و اعتداده بنفسه لا يخفى و لا يحتاج الى قراءة ما بين السطور فهو القائل "في زماننا لا يوجد من يكتب في مستواي الادبي الا ربما صادق هدايت و لكنه لا يجاريني في عمق المضمون و جدواه". و يوجد من امثال هذه العبارات الكثير ، و لست في صدد محاكمة الدكتور و لا العيب عليه لانه قد يحق لمثله ان يمدح نفسه كما مدح العباقرة انفسهم على مر التاريخ و لان ظروفه المحيطة به قد تستدعي مثل هذه العبارات و لكن ذكرت هذه النقطة لانها مؤيدة لمدعاي الذي سيأتي.
قلنا ان الانية ليست خافية في اعمال الرجل و كما هو معلوم هناك نتاج كبير من اعماله حول ما يجري عليه من ظلم من كل الجهات فالاولى الحكومة التي تخشى مطالباته بالحرية و العدل و الثانية الحوزة التي ترفض انفتاحياته و تجديداته و الثالث المجتمع المضلل به من قبل الفئتين السالفتين. و قد اشار الى صغرى هذا المعنى في قوله " رفضت الحكومة السعودية استقبالي في مؤتمر اسلامي بحجة الغلو في التشيع ، و انا مرفوض هنا بحجة التسنن ! ". كل هذا جعله يكتب عن نفسه و عن معاناته باسلوب تضخيمي و هو اذ ينطبق هنا الا انه لا ينطبق على كتاباته الاخرى . بمعنى اخر اتفهم اسلوبه التفخيمي في كلامه عن نفسه و عن معاناته مع المجتمع و الحكومة و لكن لا اتقبل التفخيم في اطروحاته العلمية و هذا ما يجعلني لا اتقبل الكثير من اعماله النقدية فهو بوجهة نظري الشخصية يبالغ جدا في سلبية بعض المظاهر و الحقيقة مخالفة لكل هذا التهويل و امثلة هذا كثيرة و لكن ليس مكانها هذا الموضوع بل تطلب من نتاجه الغزير.
بعد كل هذا نعود الى ما قاله الدكتور عن البوذية و الهندوسية فقد قرات له محاضرة تتكلم عن العرفان ، و قد اشار و اقر بأن العرفان الاسلامي هو افضل انواع العرفان و لكننا لم نطرح عرفاننا على شكل منظومة متكاملة حديثة تصلح لهذا العصر الحديث . بل ذهب الى اعلى من هذا فقال ان البوذية و الهندوسية تفوقت علينا بعمق و انتظام الاطروحة العرفانية عندها و عليه نرى تأثيرها على الغرب. و هو محق الى حد كبير في التأثر الغربي بالاطروحات البوذية بل حتى الهندوسية و لا يحتاج الامر الى استدلال فنظرة بسيطة على يوتيوب و تويتر و مواقع التواصل الاجتماعي كافية.
لكنني اختلف معه ان الهندوس و البوذية تفوقوا في طرح المنظومة العرفانية بل الاقبال هو من جهة اخرى سيأتي ذكرها . الان الادلة على تهافت العرفان عند الهندوس و البوذية كثيرة جدا فاما الهندوسية فهرطقاتهم كثيرة بل ان اسلوبهم في طرح منظومتهم درامي جدا فهم يقولون على لسان آلان واتس "ان الوجود مسرحية" و ان الأنا تلعب معنا لعبة الاختباء "غميمة بلهجتنا". في هذه اللعبة الانا تتستر باشكال مختلفة في محاولة لان تخدعنا عن معرفة السر الحقيقي في الوجود و لكن في نهاية المطاف عندما يصل الشخص الى مرحلة التنوير يسقط القناع و يدرك الشخص انه هو ذاته الانا الكلية. بعبارة اخرى يمكننا ان نتخيل هذا الكون كجسم كبير و نحن اعضاء في هذا الجسم فنحن الكون و بعبارتهم حين تدرك هذا الشيء تعرف انك الشمس و الشمس انت. لا يخفى ان المعنى قريب جدا من بعض كلام الصوفية ، و لكن مسرحية و اختباء، هل هذه المنظومة الحديثة التي يتكلم عنها شريعتي؟
و لنصفح عن تفاصيلهم و فضائح رهبانهم التي تظهر بشكل متكرر على العلن و نتكلم عن البوذية لانها هي التي حازت على نصيب الاسد في التأثير على الغرب. اولا ، البوذية اصلا لا يوجد لديها منظومة عرفانية في العصر الحديث فكل مدرسة لها منهجها الخاص بها و لا يكاد يتفقون على شيء واحد ، لا يوجد معنى موحد لمرحلة التنوير و لا يوجد معنى موحد لبوذا ابتداء .
معاناة الانسان و عذابه ناجمة عن تتابع ولادته ، و يجب وقف هذه العملية كي ينتهي مسلسل الولادات و نتحرر و لن تنتهي الا بالوصول الى مرحلة التنوير، هكذا قالوا لكن الان يقولون يمكن ان تولد على اشكال متعددة حتى على شكل آلهة و لكن الافضل منه ان تولد على شكل انسان ! امم الم نقل ان تتابع الولادة هي اساس المعاناة ؟ لماذا بعد مرحلة التنوير نولد كانسان مرة اخرى (النظرية الجديدة)؟ و لماذا هو افضل من ان نولد الهة ؟
و من ظريف ما اطلعت عليه هو انهم يدعون في كتاب الموت ان الانسان يتخطى مراحل مخيفة بعد الموت يذكرونها بتفصيل و لكن ما يضحك هو مدعاهم ان الانسان اذا تجاوز كل هذه المراحل يصل الى كهف يرى فيه رجالا و نساءً يقومون بالعملية الجنسية و يعود اليه القرار في ان يختار والديه !
الحاصل ان الادلة كثيرة جدا على ان البوذية و الهندوسية يتمتعون باطروحات عميقة و منظمة تناسب العصر الحديث !!!؟
اذا ما الذي جعل الغرب يتقبل Monks البوذية و Gurus الهندوسية ؟ و لا يتقبل عرفاءنا و دراويشنا؟
السبب هو ان رهبان البوذية و الهندوسية يطرحون ما لديهم بمعزل عن الدين ، اي انهم لا يحاولون في صومعاتهم ان يفرضوا دينا او معتقدا معينا و لكنهم يتقبلون كل الاطياف حتى الملحدين. تركيزهم على ان هذه الممارسات روحية ذات عوائد دنيوية و لا دخل لها في الدين و الاعتقاد هو ما يجعل من الناس متقبلين لهم. فأغلب الذين يمارسون الزن في اليابان كما عرفت انما يمارسونه للتخلص من التوتر و الامراض النفسية الناتجة من الحياة العصرية و هذا ما يعمله رهبانهم فهم يؤدون طقوس تأمل و صفاء لا بهدف التنوير او العبادة بل بهدف توفير ملاذ لعلاج الامراض النفسية و التوتر.
هذا من ناحية و من ناحية اخرى الغورو الهندوسي يستطقب اهتمام الانسان الغربي المادي من خلال دعاوى زائفة و محفزات براقة مثل برامج للنجاح في الحب و العمل و علاج الامراض النفسية، هذا بدون الحاجة الى الاعتقاد باله او دين.
بعبارة اخرى الانسان الغربي لا يريد ان يقر و يعترف بالاله و الدين ليملأ خواءه العاطفي و الروحي في زمن الماديات، فتجده يقبل على هذه الطقوس الروحية التي تملأ فراغه بدون الحاجة للاعتقاد بدين او اله او خرافات !
دمتم في الرضا
ملاحظات جالت في ذهني عندما قرات كلاما للدكتور علي شريعتي بخصوص البوذية و الهندوسية . و لكن قبل ان اتطرق لهذا الموضوع احببت ان اشير الى بعض ما وصلت اليه من خلال قراءاتي لنتاج الدكتور.
من ناحية لا يمكن انكار ان الدكتور يتمتع باسلوب ادبي عال جدا هذا مع ملاحظة ان كتاباته اجتماعية و علمية و ليست ادبية صرفة ، و لكن الاسلوب الادبي و دقة اختيار الالفاظ و تركيب الجمل غاية في الاتقان و اجمل سمة في اسلوبه هي الاسترسال و تقصي المعنى الى اخر رمق مع تلاعب في تركيب الجمل متقصد و لكن غير متكلف.
الامر الظاهر و الذي لا يخفى هو ظهور الانا في كتاباته بشكل فاضح و اعتداده بنفسه لا يخفى و لا يحتاج الى قراءة ما بين السطور فهو القائل "في زماننا لا يوجد من يكتب في مستواي الادبي الا ربما صادق هدايت و لكنه لا يجاريني في عمق المضمون و جدواه". و يوجد من امثال هذه العبارات الكثير ، و لست في صدد محاكمة الدكتور و لا العيب عليه لانه قد يحق لمثله ان يمدح نفسه كما مدح العباقرة انفسهم على مر التاريخ و لان ظروفه المحيطة به قد تستدعي مثل هذه العبارات و لكن ذكرت هذه النقطة لانها مؤيدة لمدعاي الذي سيأتي.
قلنا ان الانية ليست خافية في اعمال الرجل و كما هو معلوم هناك نتاج كبير من اعماله حول ما يجري عليه من ظلم من كل الجهات فالاولى الحكومة التي تخشى مطالباته بالحرية و العدل و الثانية الحوزة التي ترفض انفتاحياته و تجديداته و الثالث المجتمع المضلل به من قبل الفئتين السالفتين. و قد اشار الى صغرى هذا المعنى في قوله " رفضت الحكومة السعودية استقبالي في مؤتمر اسلامي بحجة الغلو في التشيع ، و انا مرفوض هنا بحجة التسنن ! ". كل هذا جعله يكتب عن نفسه و عن معاناته باسلوب تضخيمي و هو اذ ينطبق هنا الا انه لا ينطبق على كتاباته الاخرى . بمعنى اخر اتفهم اسلوبه التفخيمي في كلامه عن نفسه و عن معاناته مع المجتمع و الحكومة و لكن لا اتقبل التفخيم في اطروحاته العلمية و هذا ما يجعلني لا اتقبل الكثير من اعماله النقدية فهو بوجهة نظري الشخصية يبالغ جدا في سلبية بعض المظاهر و الحقيقة مخالفة لكل هذا التهويل و امثلة هذا كثيرة و لكن ليس مكانها هذا الموضوع بل تطلب من نتاجه الغزير.
بعد كل هذا نعود الى ما قاله الدكتور عن البوذية و الهندوسية فقد قرات له محاضرة تتكلم عن العرفان ، و قد اشار و اقر بأن العرفان الاسلامي هو افضل انواع العرفان و لكننا لم نطرح عرفاننا على شكل منظومة متكاملة حديثة تصلح لهذا العصر الحديث . بل ذهب الى اعلى من هذا فقال ان البوذية و الهندوسية تفوقت علينا بعمق و انتظام الاطروحة العرفانية عندها و عليه نرى تأثيرها على الغرب. و هو محق الى حد كبير في التأثر الغربي بالاطروحات البوذية بل حتى الهندوسية و لا يحتاج الامر الى استدلال فنظرة بسيطة على يوتيوب و تويتر و مواقع التواصل الاجتماعي كافية.
لكنني اختلف معه ان الهندوس و البوذية تفوقوا في طرح المنظومة العرفانية بل الاقبال هو من جهة اخرى سيأتي ذكرها . الان الادلة على تهافت العرفان عند الهندوس و البوذية كثيرة جدا فاما الهندوسية فهرطقاتهم كثيرة بل ان اسلوبهم في طرح منظومتهم درامي جدا فهم يقولون على لسان آلان واتس "ان الوجود مسرحية" و ان الأنا تلعب معنا لعبة الاختباء "غميمة بلهجتنا". في هذه اللعبة الانا تتستر باشكال مختلفة في محاولة لان تخدعنا عن معرفة السر الحقيقي في الوجود و لكن في نهاية المطاف عندما يصل الشخص الى مرحلة التنوير يسقط القناع و يدرك الشخص انه هو ذاته الانا الكلية. بعبارة اخرى يمكننا ان نتخيل هذا الكون كجسم كبير و نحن اعضاء في هذا الجسم فنحن الكون و بعبارتهم حين تدرك هذا الشيء تعرف انك الشمس و الشمس انت. لا يخفى ان المعنى قريب جدا من بعض كلام الصوفية ، و لكن مسرحية و اختباء، هل هذه المنظومة الحديثة التي يتكلم عنها شريعتي؟
و لنصفح عن تفاصيلهم و فضائح رهبانهم التي تظهر بشكل متكرر على العلن و نتكلم عن البوذية لانها هي التي حازت على نصيب الاسد في التأثير على الغرب. اولا ، البوذية اصلا لا يوجد لديها منظومة عرفانية في العصر الحديث فكل مدرسة لها منهجها الخاص بها و لا يكاد يتفقون على شيء واحد ، لا يوجد معنى موحد لمرحلة التنوير و لا يوجد معنى موحد لبوذا ابتداء .
معاناة الانسان و عذابه ناجمة عن تتابع ولادته ، و يجب وقف هذه العملية كي ينتهي مسلسل الولادات و نتحرر و لن تنتهي الا بالوصول الى مرحلة التنوير، هكذا قالوا لكن الان يقولون يمكن ان تولد على اشكال متعددة حتى على شكل آلهة و لكن الافضل منه ان تولد على شكل انسان ! امم الم نقل ان تتابع الولادة هي اساس المعاناة ؟ لماذا بعد مرحلة التنوير نولد كانسان مرة اخرى (النظرية الجديدة)؟ و لماذا هو افضل من ان نولد الهة ؟
و من ظريف ما اطلعت عليه هو انهم يدعون في كتاب الموت ان الانسان يتخطى مراحل مخيفة بعد الموت يذكرونها بتفصيل و لكن ما يضحك هو مدعاهم ان الانسان اذا تجاوز كل هذه المراحل يصل الى كهف يرى فيه رجالا و نساءً يقومون بالعملية الجنسية و يعود اليه القرار في ان يختار والديه !
الحاصل ان الادلة كثيرة جدا على ان البوذية و الهندوسية يتمتعون باطروحات عميقة و منظمة تناسب العصر الحديث !!!؟
اذا ما الذي جعل الغرب يتقبل Monks البوذية و Gurus الهندوسية ؟ و لا يتقبل عرفاءنا و دراويشنا؟
السبب هو ان رهبان البوذية و الهندوسية يطرحون ما لديهم بمعزل عن الدين ، اي انهم لا يحاولون في صومعاتهم ان يفرضوا دينا او معتقدا معينا و لكنهم يتقبلون كل الاطياف حتى الملحدين. تركيزهم على ان هذه الممارسات روحية ذات عوائد دنيوية و لا دخل لها في الدين و الاعتقاد هو ما يجعل من الناس متقبلين لهم. فأغلب الذين يمارسون الزن في اليابان كما عرفت انما يمارسونه للتخلص من التوتر و الامراض النفسية الناتجة من الحياة العصرية و هذا ما يعمله رهبانهم فهم يؤدون طقوس تأمل و صفاء لا بهدف التنوير او العبادة بل بهدف توفير ملاذ لعلاج الامراض النفسية و التوتر.
هذا من ناحية و من ناحية اخرى الغورو الهندوسي يستطقب اهتمام الانسان الغربي المادي من خلال دعاوى زائفة و محفزات براقة مثل برامج للنجاح في الحب و العمل و علاج الامراض النفسية، هذا بدون الحاجة الى الاعتقاد باله او دين.
بعبارة اخرى الانسان الغربي لا يريد ان يقر و يعترف بالاله و الدين ليملأ خواءه العاطفي و الروحي في زمن الماديات، فتجده يقبل على هذه الطقوس الروحية التي تملأ فراغه بدون الحاجة للاعتقاد بدين او اله او خرافات !
دمتم في الرضا