الباغافاد غيتا - " اغنية الرب "
بسم الله الرحمن الرحيم
الباغافاد غيتا او الغيتا - اختصارا - تعتبر جزءا من اجزاء الملحمة الهندية الطويلة " الماهباهاراتا " ، و تحتوي على حوالي 700 آية - ان صح التعبير - مقسمة على 18 بابا . تمنيت ان اقرأ ترجمة " باربرا ستولر ميلر " الذائعة الصيت و لكن ترجمة و شرح " إكناث إسواران " رائعة و سلسة . طبعا من المعروف ان النصوص المقدسة عند الهندوس هي الاوبنيشاد ، البرامان سوترا و الباغافادغيتا ، و ان كنت تعتبر البوذية جزءا من الهندوسية الغير تقليدية فيمكنك ان تضيف الدامابادا ايضا. عندما نتكلم عن الاعمال الكلاسيكية عند الهندوس دائما تذكر الغيتا و اليوجا سوترا لبتانجلي ، و لكن بعد ان قرأت العملين اجد انه من الاجحاف ان توضع اليوجا سوترا بجانب الغيتا فاليوجا سوترا نص غامض و تخصصي جدا يبعده عن جو الاعمال الكلاسيكية الخالدة التي يقرأها الناس من كل الاطياف و الاذواق فيجدون فيها مصدرا للالهام . اما الدامابادا ايضا لا ترقى لمصاف الغيتا فهي مجرد مقولات مختصرة منسوبة لبوذا و لا تحتوي على العناصر التي تجعل من الغيتا نصا كلاسيكيا . الكتاب الذي يضاهي الغيتا في الجمال الادبي هو " الداو دي جنغ " جوهرة الادب " الطاوي " و لكن الغيتا تتميز عليه مضمونا لأنها فعلا نظام روحي عملي متكامل و ليست مجرد مبادئ نظرية او عملية موزعة هنا و هناك .
الغيتا تحكي لنا قصة " ارجونا " المحارب الشجاع الذي يجد نفسه على مشارف معركة مصيرية تولد في نفسه الشك و التردد فهو عندما ينظر الى الطرف المقابل انما يجد ابناء عمومته و اساتذته و مدربيه الذين عاش معهم صغره . لهذا ماذا عسى نتيجة هذه الحرب ان تكون ؟ اذا اردنا ان ندرك صعوبة موقف ارجونا يجب ان نأخذ بعين الاعتبار مفهوم " الكارما " عند الهندوس فالكارما باختصار هي تبعات الافعال و ان الانسان لا يمكنه الفرار من تبعات اعماله اضف الى ذلك مبدا التناسخ ( الولادة من جديد بعد الموت ) فتكون المحصلة ان الكارما تنتقل مع الشخص من حياة الى حياة اخرى حتى يفي الشخص بديونه كلها . هذا كله بطبيعة الحال ليس فقط شاق و طويل بل هو حرمان من الوصول الى " الموكشا " و هي التحرر من هذه الدائرة اللانهائية . لذلك ارجونا اضافة الى عاطفته تجاه اصحابه يخشى ان تبعات هذه الحرب ستحتاج الى سلسلة طويلة من الموت و الولادة . في اثناء هذه الحيرة يرجع ارجونا الى معلمه و قائد عربته " كرشنا " و كرشنا كما هو معروف تجسد للإله الهندوسي " فيشنو" حيث انه في كل فترة من الفترات عندما يظهر الفساد يتجسد فيشنو في كرشنا لكي يعيد الامور الى نصابها . من هنا يبدأ حوار بين ارجونا و كرشنا الى نهاية الغيتا و راوي الحوار هو "سنجايا" مشاور الملك الاعمى " دريتاراشترا".
اما كيف وصل الحال بارجونا الى هنا فالقصة تحكي ان الحكم و الملك كان في يد والد ارجونا و لكن بعد موته و صغر ذريته انتقل الحكم الى العم مؤقتا ريثما يكبر الابناء و لكن بعد سنوات و بتحريض من ابن العم الاكبر يحاول العم الاعمى ان يعزل الحكم عن ابناء اخيه ، لذلك يقرر ارجونا و اخوانه خوض معركة استعادة الملك .
المعضلة التي يعيشها ارجونا ليست غريبة علينا فهي تذكرني بحال المسلمين في حرب الجمل و صفين فهناك من اعتزل الحرب طلبا للسلامة من دماء المسلمين كما يتصور و اختار الانزواء . فهل الانزواء في هذه الظروف افضل ام الانخراط و تأدية الواجب ؟ بما ان الهندوسية كانت ديانة تتبنى الانزواء للتفرغ للرياضات و تهذيب النفس فالمتوقع ان يشجع كرشنا ارجونا على الانزواء و ترك المعركة و لكن على خلاف المتوقع يشجع كرشنا ارجونا على خوض المعركة و يحذره من عواقب التهرب من المسؤولية . هذه النقطة في حد ذاتها نقطة تحول في الاعراف الهندوسية تحسب للغيتا . اما كيف يمكن للانسان ان ينخرط في تأدية مهامه اليومية بحيث لا يؤثر على حياته الروحية ؟ الجواب يشبه الجواب الاسلامي بشكل غريب ! يقول كرشنا يمكن للانسان ان يؤدي اعماله اليومية و مشاغله الدنيوية و لا يتحمل تبعات الكارما من خلال الالتزام بأمرين:
1- ان تكون الافعال ناظرة الى المنفعة العامة غير منطلقة من الرغبات الانانية و غير ناظرة الى نتائج الافعال . مثلا ان يحسن في وقت الاحسان بدون انتظار الشكر او الثواب او غير ذلك .
2- ان تكون الافعال كلها من اجل الاله " مهما تفعل اجعله مقدما لي - الاكل الذي تأكله ، التضحيات التي تؤديها ، المساعدات التي تقوم بها ، حتى آلامك . بهذه الطريقة تتحرر من عبودية الكارما و تبعاتها" ، قال تعالى " قل ان صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين ".
هذا يذكرنا بالامام علي صلوات الله و سلامه عليه عندما اعرض عن قتل "عمرو بن عبد ود" عندما بصق ، ذلك لانه لا يقتل انتصارا لنفسه و انما طلبا لوجه الله .
الامر الاخر الذي اضافته الغيتا الى الهندوسية هو اتاحة فرصة التحرر لكل افراد المجتمع بعد ان كانت هذه الامكانية محصورة في طبقة الكهنة و ذلك عن طريق اقامة علاقة مباشرة بين الفرد و الإله . اما عن علاقة الانسان بالإله فهناك ثلاث رؤى اساسية في الهندوسية و عليها تختلف تفسيرات و شروحات الغيتا . المدرسة الاولى و هي الادفيتا بقيادة شنكاراشاريا و تنص على ان هناك حقيقة واحدة فقط و ان هذا الوجود مجرد وهم ، و هذه المدرسة لديها قبول واسع اليوم في الوسط الغربي بفضل امثال الباغفان و المهاراج نيسارجدتا . المدرسة المعاكسة و هي الفيتا بقيادة مادفاشاريا و تنص على ثنائية بين الخالق و المخلوق و انهما مختلفان . و اخيرا فيشيشتادفيتا بقيادة رامانوجاشاريا و اختار طريقا بين الطريقين فقال بأنها حقيقة واحدة فقط و لكن متكثرة.
المواضيع التي تناولتها الغيتا كثيرة و من الصعب ذكرها كلها في هذه المقالة و لكن من الفصول المميزة فصل تجلي كرشنا بصورته الحقيقية لارجونا . في هذا الفصل و على طريقة سؤال موسى عليه السلام الرؤية نجد ان ارجونا يطلب من كرشنا ان يظهر له بصورته الحقيقية و لكنه لا يطيق ان يتحملها الا لفترة بسيطة ثم يستولي عليه الرعب فيطلب من كرشنا بكل ذلة و خضوع ان يرجع الى صورته الادمية . في القراءات الحديثة للغيتا نجد انها تدرس من ناحية رمزية فتكون الحرب حربا داخلية بدلا من حرب خارجية فكأنما الغيتا بمجملها تصف مراحل جهاد النفس . اذا تجاهلنا موضوع التناسخ و تعدد الالهة او وجهناها توجيهات رمزية فبرأيي انه من السهولة بمكان النظر الى محتويات الغيتا بمنظار اسلامي .
اما ما علاقة كل هذا بأغنية الاله ؟ فلان الادب و الفن الهندي يصور كرشنا على انه ذلك الفتى الازرق الوسيم الذي يعزف احلى الانغام من مزماره في الغابة فتتوافد عليه الفتيات ليمارسن الطقوس الحميمية . هناك الكثير من القصائد و الادب المثير في وصف هذه العلاقات و لكنه دائما يرمز الى الوحدة الروحية مع المعشوق . عندما نتكلم عن الموسيقى و الروح فهناك رؤى متباينة في هذا الخصوص فالهندوسية غالبا تشجع على الغناء و الموسيقى في طقوسها خاصة من ينتمون الى مدارس الباكتي يوجا –امثال الماهاراجي و راماكرشنا- فهمهم التغني باسم المعشوق و العروج بالروح من خلال هذه الغزليات و الاناشيد بل وصل بهم الامر الى ان يفضلوا هجران الحبيب لانه ادعى لاشعال الحب و الشوق في انفسهم . اما بوذا فمنع تلاميذه الرهبان من سماع الموسيقى و الغناء و قد وصف قوما يرقصون بأنهم قرود تقفز هنا و هناك . و اذا مررنا بالمسيحية فالموسيقى لها حضور كبير في المراسم و الطقوس . اما في الاسلام فغالبا ينظر الى الموسيقى و الغناء بنظرة دونية ، هذا اذا استثنينا الصوفية و خصوصا جماعة جلال الدين الرومي الذين يرقصون و يرقصون ! و ذكر الشيخ بهجت في الاستفتاءات و الشيخ الاوحد في رسالة السلوك ضرر الموسيقى على من يطلب العرفان و الترقي الروحي.
ختاما ، الغيتا تعتبر من عيون التراث الشرقي و قد وصفها غاندي بقاموسه الروحي و ملاذه في الازمات و كما قالوا ان كنت ستقرأ كتابا واحدا من الادب الهندي فليكن الغيتا .
دمتم في الرضـا ،
الباغافاد غيتا او الغيتا - اختصارا - تعتبر جزءا من اجزاء الملحمة الهندية الطويلة " الماهباهاراتا " ، و تحتوي على حوالي 700 آية - ان صح التعبير - مقسمة على 18 بابا . تمنيت ان اقرأ ترجمة " باربرا ستولر ميلر " الذائعة الصيت و لكن ترجمة و شرح " إكناث إسواران " رائعة و سلسة . طبعا من المعروف ان النصوص المقدسة عند الهندوس هي الاوبنيشاد ، البرامان سوترا و الباغافادغيتا ، و ان كنت تعتبر البوذية جزءا من الهندوسية الغير تقليدية فيمكنك ان تضيف الدامابادا ايضا. عندما نتكلم عن الاعمال الكلاسيكية عند الهندوس دائما تذكر الغيتا و اليوجا سوترا لبتانجلي ، و لكن بعد ان قرأت العملين اجد انه من الاجحاف ان توضع اليوجا سوترا بجانب الغيتا فاليوجا سوترا نص غامض و تخصصي جدا يبعده عن جو الاعمال الكلاسيكية الخالدة التي يقرأها الناس من كل الاطياف و الاذواق فيجدون فيها مصدرا للالهام . اما الدامابادا ايضا لا ترقى لمصاف الغيتا فهي مجرد مقولات مختصرة منسوبة لبوذا و لا تحتوي على العناصر التي تجعل من الغيتا نصا كلاسيكيا . الكتاب الذي يضاهي الغيتا في الجمال الادبي هو " الداو دي جنغ " جوهرة الادب " الطاوي " و لكن الغيتا تتميز عليه مضمونا لأنها فعلا نظام روحي عملي متكامل و ليست مجرد مبادئ نظرية او عملية موزعة هنا و هناك .
الغيتا تحكي لنا قصة " ارجونا " المحارب الشجاع الذي يجد نفسه على مشارف معركة مصيرية تولد في نفسه الشك و التردد فهو عندما ينظر الى الطرف المقابل انما يجد ابناء عمومته و اساتذته و مدربيه الذين عاش معهم صغره . لهذا ماذا عسى نتيجة هذه الحرب ان تكون ؟ اذا اردنا ان ندرك صعوبة موقف ارجونا يجب ان نأخذ بعين الاعتبار مفهوم " الكارما " عند الهندوس فالكارما باختصار هي تبعات الافعال و ان الانسان لا يمكنه الفرار من تبعات اعماله اضف الى ذلك مبدا التناسخ ( الولادة من جديد بعد الموت ) فتكون المحصلة ان الكارما تنتقل مع الشخص من حياة الى حياة اخرى حتى يفي الشخص بديونه كلها . هذا كله بطبيعة الحال ليس فقط شاق و طويل بل هو حرمان من الوصول الى " الموكشا " و هي التحرر من هذه الدائرة اللانهائية . لذلك ارجونا اضافة الى عاطفته تجاه اصحابه يخشى ان تبعات هذه الحرب ستحتاج الى سلسلة طويلة من الموت و الولادة . في اثناء هذه الحيرة يرجع ارجونا الى معلمه و قائد عربته " كرشنا " و كرشنا كما هو معروف تجسد للإله الهندوسي " فيشنو" حيث انه في كل فترة من الفترات عندما يظهر الفساد يتجسد فيشنو في كرشنا لكي يعيد الامور الى نصابها . من هنا يبدأ حوار بين ارجونا و كرشنا الى نهاية الغيتا و راوي الحوار هو "سنجايا" مشاور الملك الاعمى " دريتاراشترا".
اما كيف وصل الحال بارجونا الى هنا فالقصة تحكي ان الحكم و الملك كان في يد والد ارجونا و لكن بعد موته و صغر ذريته انتقل الحكم الى العم مؤقتا ريثما يكبر الابناء و لكن بعد سنوات و بتحريض من ابن العم الاكبر يحاول العم الاعمى ان يعزل الحكم عن ابناء اخيه ، لذلك يقرر ارجونا و اخوانه خوض معركة استعادة الملك .
المعضلة التي يعيشها ارجونا ليست غريبة علينا فهي تذكرني بحال المسلمين في حرب الجمل و صفين فهناك من اعتزل الحرب طلبا للسلامة من دماء المسلمين كما يتصور و اختار الانزواء . فهل الانزواء في هذه الظروف افضل ام الانخراط و تأدية الواجب ؟ بما ان الهندوسية كانت ديانة تتبنى الانزواء للتفرغ للرياضات و تهذيب النفس فالمتوقع ان يشجع كرشنا ارجونا على الانزواء و ترك المعركة و لكن على خلاف المتوقع يشجع كرشنا ارجونا على خوض المعركة و يحذره من عواقب التهرب من المسؤولية . هذه النقطة في حد ذاتها نقطة تحول في الاعراف الهندوسية تحسب للغيتا . اما كيف يمكن للانسان ان ينخرط في تأدية مهامه اليومية بحيث لا يؤثر على حياته الروحية ؟ الجواب يشبه الجواب الاسلامي بشكل غريب ! يقول كرشنا يمكن للانسان ان يؤدي اعماله اليومية و مشاغله الدنيوية و لا يتحمل تبعات الكارما من خلال الالتزام بأمرين:
1- ان تكون الافعال ناظرة الى المنفعة العامة غير منطلقة من الرغبات الانانية و غير ناظرة الى نتائج الافعال . مثلا ان يحسن في وقت الاحسان بدون انتظار الشكر او الثواب او غير ذلك .
2- ان تكون الافعال كلها من اجل الاله " مهما تفعل اجعله مقدما لي - الاكل الذي تأكله ، التضحيات التي تؤديها ، المساعدات التي تقوم بها ، حتى آلامك . بهذه الطريقة تتحرر من عبودية الكارما و تبعاتها" ، قال تعالى " قل ان صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين ".
هذا يذكرنا بالامام علي صلوات الله و سلامه عليه عندما اعرض عن قتل "عمرو بن عبد ود" عندما بصق ، ذلك لانه لا يقتل انتصارا لنفسه و انما طلبا لوجه الله .
الامر الاخر الذي اضافته الغيتا الى الهندوسية هو اتاحة فرصة التحرر لكل افراد المجتمع بعد ان كانت هذه الامكانية محصورة في طبقة الكهنة و ذلك عن طريق اقامة علاقة مباشرة بين الفرد و الإله . اما عن علاقة الانسان بالإله فهناك ثلاث رؤى اساسية في الهندوسية و عليها تختلف تفسيرات و شروحات الغيتا . المدرسة الاولى و هي الادفيتا بقيادة شنكاراشاريا و تنص على ان هناك حقيقة واحدة فقط و ان هذا الوجود مجرد وهم ، و هذه المدرسة لديها قبول واسع اليوم في الوسط الغربي بفضل امثال الباغفان و المهاراج نيسارجدتا . المدرسة المعاكسة و هي الفيتا بقيادة مادفاشاريا و تنص على ثنائية بين الخالق و المخلوق و انهما مختلفان . و اخيرا فيشيشتادفيتا بقيادة رامانوجاشاريا و اختار طريقا بين الطريقين فقال بأنها حقيقة واحدة فقط و لكن متكثرة.
المواضيع التي تناولتها الغيتا كثيرة و من الصعب ذكرها كلها في هذه المقالة و لكن من الفصول المميزة فصل تجلي كرشنا بصورته الحقيقية لارجونا . في هذا الفصل و على طريقة سؤال موسى عليه السلام الرؤية نجد ان ارجونا يطلب من كرشنا ان يظهر له بصورته الحقيقية و لكنه لا يطيق ان يتحملها الا لفترة بسيطة ثم يستولي عليه الرعب فيطلب من كرشنا بكل ذلة و خضوع ان يرجع الى صورته الادمية . في القراءات الحديثة للغيتا نجد انها تدرس من ناحية رمزية فتكون الحرب حربا داخلية بدلا من حرب خارجية فكأنما الغيتا بمجملها تصف مراحل جهاد النفس . اذا تجاهلنا موضوع التناسخ و تعدد الالهة او وجهناها توجيهات رمزية فبرأيي انه من السهولة بمكان النظر الى محتويات الغيتا بمنظار اسلامي .
اما ما علاقة كل هذا بأغنية الاله ؟ فلان الادب و الفن الهندي يصور كرشنا على انه ذلك الفتى الازرق الوسيم الذي يعزف احلى الانغام من مزماره في الغابة فتتوافد عليه الفتيات ليمارسن الطقوس الحميمية . هناك الكثير من القصائد و الادب المثير في وصف هذه العلاقات و لكنه دائما يرمز الى الوحدة الروحية مع المعشوق . عندما نتكلم عن الموسيقى و الروح فهناك رؤى متباينة في هذا الخصوص فالهندوسية غالبا تشجع على الغناء و الموسيقى في طقوسها خاصة من ينتمون الى مدارس الباكتي يوجا –امثال الماهاراجي و راماكرشنا- فهمهم التغني باسم المعشوق و العروج بالروح من خلال هذه الغزليات و الاناشيد بل وصل بهم الامر الى ان يفضلوا هجران الحبيب لانه ادعى لاشعال الحب و الشوق في انفسهم . اما بوذا فمنع تلاميذه الرهبان من سماع الموسيقى و الغناء و قد وصف قوما يرقصون بأنهم قرود تقفز هنا و هناك . و اذا مررنا بالمسيحية فالموسيقى لها حضور كبير في المراسم و الطقوس . اما في الاسلام فغالبا ينظر الى الموسيقى و الغناء بنظرة دونية ، هذا اذا استثنينا الصوفية و خصوصا جماعة جلال الدين الرومي الذين يرقصون و يرقصون ! و ذكر الشيخ بهجت في الاستفتاءات و الشيخ الاوحد في رسالة السلوك ضرر الموسيقى على من يطلب العرفان و الترقي الروحي.
ختاما ، الغيتا تعتبر من عيون التراث الشرقي و قد وصفها غاندي بقاموسه الروحي و ملاذه في الازمات و كما قالوا ان كنت ستقرأ كتابا واحدا من الادب الهندي فليكن الغيتا .
دمتم في الرضـا ،