تحدي المتعارف
بسم الله الرحمن الرحيم
الكثير منا ان لم نكن كلنا نقرأ مرارا قوله تعالى :
( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون )
و نمر عليها كما بقية الايات و كأنها لا تعنينا في شيء ، ماذا تقول ؟ أنا لا اتبع ما انزل الله؟ انا اتبع ما وجدت عليه ابائي ؟ انا مسلم اباً عن جد ! هذه الاية تخاطب المشركين ! . و الحقيقة اننا ولدنا على الاسلام و نقلد في الاحكام الفقهية و حتى الاصول التي يجب فيها البحث نقلد بل اغلب الظن اننا نحفظ اصول الدين الخمسة و كفى فلا نعرف لها دليلا لا بجهد شخصي و لا بتعلم من مرشد. في ماذا يا ترى نحن افضل من هؤلاء ؟
لنتراجع عن الكلام في العقيدة و الدين فما لهذا الغرض كتبت هذه المقالة و انما كتبتها و انا الحظ الجانب المعيشي اليومي لنا . فالذي يدقق و يستعرض جوانب حياته اليومية يجد اننا نسير حسب المتعارف في جل الاحوال و لا احد يسأل و يدقق و انما وجدنا الامور هكذا فتبنيناها . و سنستعرض بعض الامثلة على امور نأخذها اخذ المسلمات ثم نخضعها للسؤال .
اولا لنبدأ بقصة لفتت انتباهي منذ فترة فقد كنت استمع لاحد الرهبان عندما سألوه عن اهمية الرياضة و رأيه في ذلك فقد كان جوابه صادما حيث اجاب بأنها غير مهمة و ان الذي يجعلها مهمة بالنسبة لنا هو حقيقة اننا نأكل اكثر من اللازم و نجلس اكثر من اللازم فنحتاج للرياضة اما امثاله من الرهبان فلا يحتاجون للرياضة لان اكلهم انما هو بقدر اقل الحاجة فلا حاجة لحرق سعرات و ما الى ذلك . و المنصف يجد ان امثال هذا الراهب هم من اطول الناس عمرا بصحة و عافية و هم لا يمارسون الرياضة المتعارفة . لو تركنا الحكم على صحة رأي هذا الرجل فالشاهد هنا هو وضعه شيئا مسلما تحت السؤال ، فمن منا فكر يوما عن جدوى الرياضة ؟ مع كل هذا الاعلام الضخم الذي تقوم عليه شركات تروج للرياضة و الادوات الرياضية و الاغذية الحارقة و الاجسام الرياضية المثيرة ، نحن نأخذ اهمية الرياضة اخذ المسلمات و ننفق بسخاء من وقتنا و مالنا . لطالما تفكرت في حياة ائمتنا عليهم السلام و تأملت في الاحاديث المروية عنهم فلم اجد ذلك الحث على قضاء الساعات في الرياضة و الاهتمام بالجسم و شكله .
وضع هذا الشخص اشياء اخرى تحت السؤال مثل ساعات النوم فنحن اليوم نعتقد ان 8 ساعات من النوم ليلا ضرورية و لكن بالنسبة له و لاشخاص كثر غيره المدة اقل بكثير و هذه النقطة قد لا يمكن تصديقها الا عندما ترى شخصا يعيشها واقعا و الا من الصعب تصديق ان هناك اناس يقضون ساعات طويلة في وظائفهم او في دروسهم ثم يكتفون بسويعات للنوم.
لننتقل الى القراءة الامر الذي يعتبره الكل امرا مقدسا و ارقى انواع استغلال الوقت . لقد وضعت القراءة تحت السؤال في مقالة مفصلة اخرى و لكن بإختصار يمكننا ان نتساءل لماذا القراءة شيء مقدس ؟ لماذا هناك اعتقاد بأن من يقرأ يعتبر من الذين يستفيدون من وقتهم ؟ لماذا تعتبر قراءة الكتب الادبية و الروايات و المسرحيات شيئا مفيدا في حين ينظر بنظرة دونية لمن يشاهد الافلام و كأنها فقط لا تصلح الا لمضيعة الوقت ؟ يجب ان نتخطى حاجز القراءة لاجل القراءة. لن اتكلم عن القراءة العشوائية و القراءة العامة و القراءة في امور تافهة و لكن القراءة الجادة يمكن ان تكون في محل النقد . كنت استمع لاحد الاشخاص و كان يقول انه متوقف عن القراءة لفترة و ذلك لانه ادرك مؤخرا ان ما ينقصه ليس المزيد من المعلومات و انما تطبيق تلك المعلومات في حيز الواقع فهو قد وصل مرحلة جيدة في قراءة عشرات بل ربما مئات الكتب عن تطوير الذات و آن له ان يطبق ما يقرأه بدلا من القراءة المتكررة .
هذا السيناريو حدث معي عندما كنت ادرس علوم الحاسب فقد انشغلت بقراءة الكتب و النظريات بشكل يفوق اضعافا مضاعفة الجانب التطبيقي ، فكانت النتيجة كماً نظريا كبيرا ولكن خبرة تطبيقية ضعيفة بالمقارنة . من المفترض ان القراءة تعطيك الاساسيات و لكن بعد الوصول الى حد الفهم الجيد و الالمام المناسب قد يكون من الافضل ترك القراءة لصالح التطبيق العملي فالعلم يدعو للعمل . لهذا القراءة و ان كانت مفيدة و لكن هناك الكثير من الانشطة التي تفوق فائدتها فائدة القراءة و لكن لو اردنا الانصاف فالمجتمع حاليا لا يعاني من مشكلة كثرة القراءة حتى نتكلم فيها و لكن ذكرت النقطة كمثال للامور التي تؤخذ عند المجتمع على انها شيء فوق السؤال .
في الوسط التقني ايضا نعاني من مشكلة اتباع الكثرة و المضي مع السائد فلينكس مثلا الى الان لم يجد طريقه الى مستخدمي الحاسب مع ان النظام حر و مجاني و يلبي احتياجات المستخدم العادي بنسبة 90 % في اغلب الحالات و النسبة الباقية يمكن علاجها بطريقة او بأخرى . هذا في حال لو اننا كمستخدمين نختار بوعي و لسنا امعة نتابع البقية لكان زمن ويندوز ولى و مضى زمن الاحتكار . عموما التقنية من اجلى مظاهر السلبية عند المستخدم فالمسألة مجرد مسألة موجات الكل يركبها حتى تأتي الموجة التالية فيركب مع البقية .
الطقوس الدينية عندنا ايضا تظهر فيها مسألة اتباع المتعارف فهناك جزئيات معينة هي التي يتم التركيز عليها في مجتمع معين و يتم الاحتفاء بها بشكل كبير في حال ان هناك جزئيات اخرى قد تكون اعظم ثوابا و لكنها هامشية لان الكل معرض عنها ، فيكون المعيار في الاعمال هنا عند الافراد ما تعارفت عليه الجماعة فقط .
طبعا لو نتقصى الامثلة لن ننتهي فهناك الكثير لنتساءل عنه فنحن سريعون في اخذ الامور على انها ضروريات ! ابتداءً من استخدام الجوالات الذكية و شبكات التواصل الاجتماعي مرورا بمصادر ثقافتنا و عقائدنا الى انماط حياتنا الشخصية من نوم و اكل و مصرف و انتهاءً باهتماماتنا الرياضية و السياسية و الفنية.. الخ و لكن زبدة المطلب اننا نعاني من مشكلة التقليد في امورنا المعيشية و الفكرية . مسألة متابعة السائد لها مخاطر كثيرة منها السلبية عند الفرد و عدم الوعي في اختياراته و سهولة تسيسه باتجاهات معينة و غير ذلك و لكن الاهم هو كون حياة هكذا فرد حياة غير صادقة مع نفسه فهو يختار ما يختار له مجتمعه و دولته و يعيش حياةً بشروط و مواصفات الغير . هي ليست دعوة لتحدي الاعراف و المجتمع و انما دعوة للاستقلالية و الاخذ بزمام الامور فيما يتعلق بحياتنا الشخصية. ختاما انصح بالسفر ففي السفر نرى انماط حياة مختلفة جدا عن الذي اعتدناه فندرك ان كثيرا من الامور التي كنا نتصور انها ضرورية هي ليست ضرورية فنبدأ عملية السؤال و تقصي جوانب حياتنا. و كذا انصح بالقراءة للكتاب الذين عرفوا بأصالة اقلامهم و ايضا بالبحث عن الكتب و الاشخاص الذين لديهم القدرة على الصدمة و تحدي ما نسميه واقع الحال.
و قد قال سقراط ( الحياة التي لا يتأملها "يدرسها" صاحبها ، لا تستحق ان تعاش )
دمتم في الرضا ،،
الكثير منا ان لم نكن كلنا نقرأ مرارا قوله تعالى :
( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون )
و نمر عليها كما بقية الايات و كأنها لا تعنينا في شيء ، ماذا تقول ؟ أنا لا اتبع ما انزل الله؟ انا اتبع ما وجدت عليه ابائي ؟ انا مسلم اباً عن جد ! هذه الاية تخاطب المشركين ! . و الحقيقة اننا ولدنا على الاسلام و نقلد في الاحكام الفقهية و حتى الاصول التي يجب فيها البحث نقلد بل اغلب الظن اننا نحفظ اصول الدين الخمسة و كفى فلا نعرف لها دليلا لا بجهد شخصي و لا بتعلم من مرشد. في ماذا يا ترى نحن افضل من هؤلاء ؟
لنتراجع عن الكلام في العقيدة و الدين فما لهذا الغرض كتبت هذه المقالة و انما كتبتها و انا الحظ الجانب المعيشي اليومي لنا . فالذي يدقق و يستعرض جوانب حياته اليومية يجد اننا نسير حسب المتعارف في جل الاحوال و لا احد يسأل و يدقق و انما وجدنا الامور هكذا فتبنيناها . و سنستعرض بعض الامثلة على امور نأخذها اخذ المسلمات ثم نخضعها للسؤال .
اولا لنبدأ بقصة لفتت انتباهي منذ فترة فقد كنت استمع لاحد الرهبان عندما سألوه عن اهمية الرياضة و رأيه في ذلك فقد كان جوابه صادما حيث اجاب بأنها غير مهمة و ان الذي يجعلها مهمة بالنسبة لنا هو حقيقة اننا نأكل اكثر من اللازم و نجلس اكثر من اللازم فنحتاج للرياضة اما امثاله من الرهبان فلا يحتاجون للرياضة لان اكلهم انما هو بقدر اقل الحاجة فلا حاجة لحرق سعرات و ما الى ذلك . و المنصف يجد ان امثال هذا الراهب هم من اطول الناس عمرا بصحة و عافية و هم لا يمارسون الرياضة المتعارفة . لو تركنا الحكم على صحة رأي هذا الرجل فالشاهد هنا هو وضعه شيئا مسلما تحت السؤال ، فمن منا فكر يوما عن جدوى الرياضة ؟ مع كل هذا الاعلام الضخم الذي تقوم عليه شركات تروج للرياضة و الادوات الرياضية و الاغذية الحارقة و الاجسام الرياضية المثيرة ، نحن نأخذ اهمية الرياضة اخذ المسلمات و ننفق بسخاء من وقتنا و مالنا . لطالما تفكرت في حياة ائمتنا عليهم السلام و تأملت في الاحاديث المروية عنهم فلم اجد ذلك الحث على قضاء الساعات في الرياضة و الاهتمام بالجسم و شكله .
وضع هذا الشخص اشياء اخرى تحت السؤال مثل ساعات النوم فنحن اليوم نعتقد ان 8 ساعات من النوم ليلا ضرورية و لكن بالنسبة له و لاشخاص كثر غيره المدة اقل بكثير و هذه النقطة قد لا يمكن تصديقها الا عندما ترى شخصا يعيشها واقعا و الا من الصعب تصديق ان هناك اناس يقضون ساعات طويلة في وظائفهم او في دروسهم ثم يكتفون بسويعات للنوم.
لننتقل الى القراءة الامر الذي يعتبره الكل امرا مقدسا و ارقى انواع استغلال الوقت . لقد وضعت القراءة تحت السؤال في مقالة مفصلة اخرى و لكن بإختصار يمكننا ان نتساءل لماذا القراءة شيء مقدس ؟ لماذا هناك اعتقاد بأن من يقرأ يعتبر من الذين يستفيدون من وقتهم ؟ لماذا تعتبر قراءة الكتب الادبية و الروايات و المسرحيات شيئا مفيدا في حين ينظر بنظرة دونية لمن يشاهد الافلام و كأنها فقط لا تصلح الا لمضيعة الوقت ؟ يجب ان نتخطى حاجز القراءة لاجل القراءة. لن اتكلم عن القراءة العشوائية و القراءة العامة و القراءة في امور تافهة و لكن القراءة الجادة يمكن ان تكون في محل النقد . كنت استمع لاحد الاشخاص و كان يقول انه متوقف عن القراءة لفترة و ذلك لانه ادرك مؤخرا ان ما ينقصه ليس المزيد من المعلومات و انما تطبيق تلك المعلومات في حيز الواقع فهو قد وصل مرحلة جيدة في قراءة عشرات بل ربما مئات الكتب عن تطوير الذات و آن له ان يطبق ما يقرأه بدلا من القراءة المتكررة .
هذا السيناريو حدث معي عندما كنت ادرس علوم الحاسب فقد انشغلت بقراءة الكتب و النظريات بشكل يفوق اضعافا مضاعفة الجانب التطبيقي ، فكانت النتيجة كماً نظريا كبيرا ولكن خبرة تطبيقية ضعيفة بالمقارنة . من المفترض ان القراءة تعطيك الاساسيات و لكن بعد الوصول الى حد الفهم الجيد و الالمام المناسب قد يكون من الافضل ترك القراءة لصالح التطبيق العملي فالعلم يدعو للعمل . لهذا القراءة و ان كانت مفيدة و لكن هناك الكثير من الانشطة التي تفوق فائدتها فائدة القراءة و لكن لو اردنا الانصاف فالمجتمع حاليا لا يعاني من مشكلة كثرة القراءة حتى نتكلم فيها و لكن ذكرت النقطة كمثال للامور التي تؤخذ عند المجتمع على انها شيء فوق السؤال .
في الوسط التقني ايضا نعاني من مشكلة اتباع الكثرة و المضي مع السائد فلينكس مثلا الى الان لم يجد طريقه الى مستخدمي الحاسب مع ان النظام حر و مجاني و يلبي احتياجات المستخدم العادي بنسبة 90 % في اغلب الحالات و النسبة الباقية يمكن علاجها بطريقة او بأخرى . هذا في حال لو اننا كمستخدمين نختار بوعي و لسنا امعة نتابع البقية لكان زمن ويندوز ولى و مضى زمن الاحتكار . عموما التقنية من اجلى مظاهر السلبية عند المستخدم فالمسألة مجرد مسألة موجات الكل يركبها حتى تأتي الموجة التالية فيركب مع البقية .
الطقوس الدينية عندنا ايضا تظهر فيها مسألة اتباع المتعارف فهناك جزئيات معينة هي التي يتم التركيز عليها في مجتمع معين و يتم الاحتفاء بها بشكل كبير في حال ان هناك جزئيات اخرى قد تكون اعظم ثوابا و لكنها هامشية لان الكل معرض عنها ، فيكون المعيار في الاعمال هنا عند الافراد ما تعارفت عليه الجماعة فقط .
طبعا لو نتقصى الامثلة لن ننتهي فهناك الكثير لنتساءل عنه فنحن سريعون في اخذ الامور على انها ضروريات ! ابتداءً من استخدام الجوالات الذكية و شبكات التواصل الاجتماعي مرورا بمصادر ثقافتنا و عقائدنا الى انماط حياتنا الشخصية من نوم و اكل و مصرف و انتهاءً باهتماماتنا الرياضية و السياسية و الفنية.. الخ و لكن زبدة المطلب اننا نعاني من مشكلة التقليد في امورنا المعيشية و الفكرية . مسألة متابعة السائد لها مخاطر كثيرة منها السلبية عند الفرد و عدم الوعي في اختياراته و سهولة تسيسه باتجاهات معينة و غير ذلك و لكن الاهم هو كون حياة هكذا فرد حياة غير صادقة مع نفسه فهو يختار ما يختار له مجتمعه و دولته و يعيش حياةً بشروط و مواصفات الغير . هي ليست دعوة لتحدي الاعراف و المجتمع و انما دعوة للاستقلالية و الاخذ بزمام الامور فيما يتعلق بحياتنا الشخصية. ختاما انصح بالسفر ففي السفر نرى انماط حياة مختلفة جدا عن الذي اعتدناه فندرك ان كثيرا من الامور التي كنا نتصور انها ضرورية هي ليست ضرورية فنبدأ عملية السؤال و تقصي جوانب حياتنا. و كذا انصح بالقراءة للكتاب الذين عرفوا بأصالة اقلامهم و ايضا بالبحث عن الكتب و الاشخاص الذين لديهم القدرة على الصدمة و تحدي ما نسميه واقع الحال.
و قد قال سقراط ( الحياة التي لا يتأملها "يدرسها" صاحبها ، لا تستحق ان تعاش )
دمتم في الرضا ،،