عن اختيار الافلام الجيدة
بسم الله الرحمن الرحيم
لي فترة طويلة جدا لم اشاهد فيلما سينمائيا لدرجة اني لم اعد اذكر ما كان اخر تلك الافلام التي شاهدتها . أعتقد ان الفترة طويلة بقدر يخولني الجرأة و القول بأنني تركتها تركا نهائيا (و اما سبب الترك فهو خارج عن اهتمام هذه المقالة). لكن كحسن ختام لمسيرة كتاباتي عن الفن السينمائي قلت لا بأس بكتابة مقالة كإجابة عن سؤال طرحه علي احد الاعزاء الا و هو كيف نحكم على جودة فيلم ما او لنقل على اي اساس نقول عن فيلم ما انه فيلم جيد ؟
حقيقة هذا السؤال مهم جدا و الذي لا يسأل نفسه هذا السؤال مرارا سيجد نفسه يقضي ساعات طويلة في مشاهدة افلام غير جيدة و لا يخرج منها بأي فائدة تذكر و انما مجرد متعة وقتية و الحقيقة ان الافلام من الممكن ان تستغل استغلالا جيدا كما اشرت في موضوع سابق بعنوان " الافلام كمصدر للثقافة الشخصية " .
قبل الاسترسال يجب ان نقر بنقطة واضحة الا و هي ان الافلام في غالبها غير جيدة و انما تعمل لغرض ايديولوجي او تجاري بحت و هذه النوعية من الافلام تعمل كالمخدر لعقل المشاهد و تصرف اهتمامه عن اموره المهمة بتركيزها على جوانب الشهوة و العنف و المادية و اللاابالية و ما الى ذلك. من هذه المعلومة فقط نستطيع ان نستبعد كمية كبيرة من الافلام و ان نضعها في قائمة الحظر فالافلام التي تسترزق عن طريق تحريك الشهوة او الافلام المؤدلجة او افلام الاكشن و الاثارة و الافلام المسيسة هذه كلها لا ترجى منفعة منها .
الافلام بالنسبة لي يجب ان تعامل مثل معاملة الكتب ، فأوجه الشبه كثيرة بين الصنفين بل اجد ان اغلب معايير الحكم على جودة الكتب تنطبق على الافلام أيضا . فالكتب ايضا تعاني من كثرة الغث فيها فهناك تصانيف خاصة بكتب مسيسة و قصص رومانسية بل جنسية و ما الى ذلك.
اذا عملية الانتقاء مهمة جدا و لا احبذ العمل بناء على ما يشاع من مقولات مثل " كل كتاب فيه فائدة " او " اقرا كل ما يقع في يدك " . نعم كل كتاب لن يخلو من فائدة فعلى فرض انني قرات كتابا كله معلومات خاطئة يمكنني ان اخرج بفائدة واحدة على الاقل الا و هي "الا اكون مثل صاحب الكتاب فأكتب فيما لا اعلم" . ما نعاني منه هذه الايام هو الانفجار المعلوماتي و قلة الوقت فمن البداهة ان نبدا بالاولى فالاولى و ان نتخذ طرقا فعالة للتعلم لا ان نقضي الساعات الطويلة من اجل الخروج بمعلومة واحدة مفيدة .
من النقاط المهمة التي يغفل عنها البعض ان الافلام في الغالب لا تستخدم اسلوب التلقين المباشر مثل الاعلانات التجارية بل تستخدم اساليب غير مباشرة لتلقين اللاوعي عند المشاهد و ذلك باستخدام جو الفيلم العام لفرض نمط نفسي معين على المشاهد بدون وعيه . هذه المشاعر التي نشعر بها اثناء الفيلم و بعد نهايته هي ما تسعى اليه بعض الافلام لان هذه المشاعر لها تأثير على تحركات الشخص و تصوراته . فيجب الحذر من الافلام التي تحتوي تحريكا للشهوة ، الكراهية و العداونية ، الرغبات ، الاعجاب ، العنف، الحزن و التعاطف ...
قد يكون لدينا اعتداد بالنفس و اننا من النضج بمكان لا يسمح لهكذا افلام باستغلالنا و لكن "من مأمنه يؤتى الحذر" . و كمثال بسيط قد تسمعون ان بعض الشركات تدفع مبالغ طائلة لشركات الافلام كي تظهر بعض منتجاتها في الافلام و ذلك كإعلانات غير مباشرة ، فقد كنت لا اهتم ابدا بجوالات شركة بلاكبيري التي تحتوي على لوحة مفاتيح كاملة و لكن اكتشفت اني بدات استسيغ هكذا نوعية من الجوالات و ذلك بعد الانتهاء من مشاهدة احد الافلام التي ظهر فيها احد الممثلين (الذين احترم تمثيلهم) يستخدم هذا الجوال مرارا . هكذا تأثير بالفعل قوي و لكن قد يسهل الانتباه له نوعا ما لان النتيجة المترتبة عليه سريعة الظهور و لكن الاصعب هو الانتباه للحالات النفسية التي ذكرتها سابقا فهذه قد تترسخ في شخصية الانسان من حيث لا يعلم و ان احتاج بعضها الى الوقت و تكرار التلقين من خلال افلام اخرى.
عودة الى صلب الموضوع يمكننا اذا ان نطبق بعض المعايير على الافلام لنعرف جدواها.
فمن تلك المعايير معرفة مخرج الفيلم فهناك من المخرجين من هو معروف بالافلام الجيدة التي تحاول ان تعالج موضوعا اجتماعيا او فلسفيا . فهؤلاء عادة افلامهم ذات معايير و جودة عالية جدا مثل بعض المؤلفين تماما فقد نتوقع جودة الكتاب بناء على معرفتنا المسبقة بنتاج المؤلف.
ايضا يمكن قراءة اراء النقاد ثم المشاهدين عن الفيلم فالافلام التي اجمع النقاد على انها غير جديرة بالوقت فهي غالبا غير جديرة بالوقت . و لكن يجب ملاحظة نقطة عدم الاسترسال الطويل في قراءة الاراء لان هذا قد يمتد الى فترات طويلة تفوق مدة الفيلم اساسا.
في الافلام كما في الكتب قائمة تعرف بالاعمال الكلاسيكية التي صمدت امام اختبار الزمن فهذه المجموعة مجملا جيدة و ان كان بعضها يحتوي على نسب مختلفة من المحاذير الايديولوجية .
لكن في النهاية تبقى الحاجة لمشاهدة الفيلم فعليا للحكم عليه ، و هنا يجب النظر الى الفيلم من عين الناقد السينمائي . الناقد السينمائي كما الناقد الادبي لديه ادوات و معايير معينة من خلالها يتوصل الى تقييم اجمالي للعمل بالاضافة الى قراءة ما بين السطور و معرفة بعض الاسرار التي لا تظهر للمشاهد العادي . فمثلا يمكن دراسة القصة و السيناريو ، المكان و الزمان ، الشخصيات و تطورها ، الديكور و الاضاءة ، الموسيقى و الصوتيات الى غير ذلك و اما كيف يتم تقييم كل من هذه الجوانب فنحتاج الى الرجوع الى المقالات و الكتب المفصلة في هذا الباب لنحصل على صورة مجملة على الاقل تنفعنا في عملية التقييم و تساعدنا على قراءة ما بين السطور . من امثلة قراءة ما بين السطور يوجد مشهد في فيلم "المواطن كين" يتدرج ظل الرجل في المشهد من الطول الى القصر . هذه اللقطة ربما تمر مرور الكرام عند المشاهد العادي و لكن الناقد يعرف ان هذه اشارة الى كبرياء و غرور المتحدث حيث يدخل المشهد و هو معتد بنفسه و يتحاور بعنجهية و لكن مع مرور الوقت ينكسر هذا الاعتداد و نرى الظل يتقلص كلما تقلص اعتداد الرجل بنفسه .
خلاصة الكلام ان الحاجة للانتقائية في الافلام حاجة ماسة جدا لما لها من التأثير القوي على المشاهد سواءً شعر بذلك ام لم يشعر و التعامل الحذر المحتاط معها مطلوب و مستحسن. و اما اصل عملية الاختيار فذكرنا ان الافلام قد تعرف من غلافها في كثير من الاحيان فالافلام التي تحاول ان تتاجر بالمتعة و الجسد و الاثارة هي افلام رخيصة غير جديرة بالوقت و كذلك الافلام المسيسة. اما الافلام الجيدة فتعرف ايضا من خلال مؤشرات متعددة منها سمعة المخرج ، راي النقاد ، الصمود امام اختبار الزمن و اخيرا التقييم الشخصي بالمشاهدة.
دمتم في الرضا ،
لي فترة طويلة جدا لم اشاهد فيلما سينمائيا لدرجة اني لم اعد اذكر ما كان اخر تلك الافلام التي شاهدتها . أعتقد ان الفترة طويلة بقدر يخولني الجرأة و القول بأنني تركتها تركا نهائيا (و اما سبب الترك فهو خارج عن اهتمام هذه المقالة). لكن كحسن ختام لمسيرة كتاباتي عن الفن السينمائي قلت لا بأس بكتابة مقالة كإجابة عن سؤال طرحه علي احد الاعزاء الا و هو كيف نحكم على جودة فيلم ما او لنقل على اي اساس نقول عن فيلم ما انه فيلم جيد ؟
حقيقة هذا السؤال مهم جدا و الذي لا يسأل نفسه هذا السؤال مرارا سيجد نفسه يقضي ساعات طويلة في مشاهدة افلام غير جيدة و لا يخرج منها بأي فائدة تذكر و انما مجرد متعة وقتية و الحقيقة ان الافلام من الممكن ان تستغل استغلالا جيدا كما اشرت في موضوع سابق بعنوان " الافلام كمصدر للثقافة الشخصية " .
قبل الاسترسال يجب ان نقر بنقطة واضحة الا و هي ان الافلام في غالبها غير جيدة و انما تعمل لغرض ايديولوجي او تجاري بحت و هذه النوعية من الافلام تعمل كالمخدر لعقل المشاهد و تصرف اهتمامه عن اموره المهمة بتركيزها على جوانب الشهوة و العنف و المادية و اللاابالية و ما الى ذلك. من هذه المعلومة فقط نستطيع ان نستبعد كمية كبيرة من الافلام و ان نضعها في قائمة الحظر فالافلام التي تسترزق عن طريق تحريك الشهوة او الافلام المؤدلجة او افلام الاكشن و الاثارة و الافلام المسيسة هذه كلها لا ترجى منفعة منها .
الافلام بالنسبة لي يجب ان تعامل مثل معاملة الكتب ، فأوجه الشبه كثيرة بين الصنفين بل اجد ان اغلب معايير الحكم على جودة الكتب تنطبق على الافلام أيضا . فالكتب ايضا تعاني من كثرة الغث فيها فهناك تصانيف خاصة بكتب مسيسة و قصص رومانسية بل جنسية و ما الى ذلك.
اذا عملية الانتقاء مهمة جدا و لا احبذ العمل بناء على ما يشاع من مقولات مثل " كل كتاب فيه فائدة " او " اقرا كل ما يقع في يدك " . نعم كل كتاب لن يخلو من فائدة فعلى فرض انني قرات كتابا كله معلومات خاطئة يمكنني ان اخرج بفائدة واحدة على الاقل الا و هي "الا اكون مثل صاحب الكتاب فأكتب فيما لا اعلم" . ما نعاني منه هذه الايام هو الانفجار المعلوماتي و قلة الوقت فمن البداهة ان نبدا بالاولى فالاولى و ان نتخذ طرقا فعالة للتعلم لا ان نقضي الساعات الطويلة من اجل الخروج بمعلومة واحدة مفيدة .
من النقاط المهمة التي يغفل عنها البعض ان الافلام في الغالب لا تستخدم اسلوب التلقين المباشر مثل الاعلانات التجارية بل تستخدم اساليب غير مباشرة لتلقين اللاوعي عند المشاهد و ذلك باستخدام جو الفيلم العام لفرض نمط نفسي معين على المشاهد بدون وعيه . هذه المشاعر التي نشعر بها اثناء الفيلم و بعد نهايته هي ما تسعى اليه بعض الافلام لان هذه المشاعر لها تأثير على تحركات الشخص و تصوراته . فيجب الحذر من الافلام التي تحتوي تحريكا للشهوة ، الكراهية و العداونية ، الرغبات ، الاعجاب ، العنف، الحزن و التعاطف ...
قد يكون لدينا اعتداد بالنفس و اننا من النضج بمكان لا يسمح لهكذا افلام باستغلالنا و لكن "من مأمنه يؤتى الحذر" . و كمثال بسيط قد تسمعون ان بعض الشركات تدفع مبالغ طائلة لشركات الافلام كي تظهر بعض منتجاتها في الافلام و ذلك كإعلانات غير مباشرة ، فقد كنت لا اهتم ابدا بجوالات شركة بلاكبيري التي تحتوي على لوحة مفاتيح كاملة و لكن اكتشفت اني بدات استسيغ هكذا نوعية من الجوالات و ذلك بعد الانتهاء من مشاهدة احد الافلام التي ظهر فيها احد الممثلين (الذين احترم تمثيلهم) يستخدم هذا الجوال مرارا . هكذا تأثير بالفعل قوي و لكن قد يسهل الانتباه له نوعا ما لان النتيجة المترتبة عليه سريعة الظهور و لكن الاصعب هو الانتباه للحالات النفسية التي ذكرتها سابقا فهذه قد تترسخ في شخصية الانسان من حيث لا يعلم و ان احتاج بعضها الى الوقت و تكرار التلقين من خلال افلام اخرى.
عودة الى صلب الموضوع يمكننا اذا ان نطبق بعض المعايير على الافلام لنعرف جدواها.
فمن تلك المعايير معرفة مخرج الفيلم فهناك من المخرجين من هو معروف بالافلام الجيدة التي تحاول ان تعالج موضوعا اجتماعيا او فلسفيا . فهؤلاء عادة افلامهم ذات معايير و جودة عالية جدا مثل بعض المؤلفين تماما فقد نتوقع جودة الكتاب بناء على معرفتنا المسبقة بنتاج المؤلف.
ايضا يمكن قراءة اراء النقاد ثم المشاهدين عن الفيلم فالافلام التي اجمع النقاد على انها غير جديرة بالوقت فهي غالبا غير جديرة بالوقت . و لكن يجب ملاحظة نقطة عدم الاسترسال الطويل في قراءة الاراء لان هذا قد يمتد الى فترات طويلة تفوق مدة الفيلم اساسا.
في الافلام كما في الكتب قائمة تعرف بالاعمال الكلاسيكية التي صمدت امام اختبار الزمن فهذه المجموعة مجملا جيدة و ان كان بعضها يحتوي على نسب مختلفة من المحاذير الايديولوجية .
لكن في النهاية تبقى الحاجة لمشاهدة الفيلم فعليا للحكم عليه ، و هنا يجب النظر الى الفيلم من عين الناقد السينمائي . الناقد السينمائي كما الناقد الادبي لديه ادوات و معايير معينة من خلالها يتوصل الى تقييم اجمالي للعمل بالاضافة الى قراءة ما بين السطور و معرفة بعض الاسرار التي لا تظهر للمشاهد العادي . فمثلا يمكن دراسة القصة و السيناريو ، المكان و الزمان ، الشخصيات و تطورها ، الديكور و الاضاءة ، الموسيقى و الصوتيات الى غير ذلك و اما كيف يتم تقييم كل من هذه الجوانب فنحتاج الى الرجوع الى المقالات و الكتب المفصلة في هذا الباب لنحصل على صورة مجملة على الاقل تنفعنا في عملية التقييم و تساعدنا على قراءة ما بين السطور . من امثلة قراءة ما بين السطور يوجد مشهد في فيلم "المواطن كين" يتدرج ظل الرجل في المشهد من الطول الى القصر . هذه اللقطة ربما تمر مرور الكرام عند المشاهد العادي و لكن الناقد يعرف ان هذه اشارة الى كبرياء و غرور المتحدث حيث يدخل المشهد و هو معتد بنفسه و يتحاور بعنجهية و لكن مع مرور الوقت ينكسر هذا الاعتداد و نرى الظل يتقلص كلما تقلص اعتداد الرجل بنفسه .
خلاصة الكلام ان الحاجة للانتقائية في الافلام حاجة ماسة جدا لما لها من التأثير القوي على المشاهد سواءً شعر بذلك ام لم يشعر و التعامل الحذر المحتاط معها مطلوب و مستحسن. و اما اصل عملية الاختيار فذكرنا ان الافلام قد تعرف من غلافها في كثير من الاحيان فالافلام التي تحاول ان تتاجر بالمتعة و الجسد و الاثارة هي افلام رخيصة غير جديرة بالوقت و كذلك الافلام المسيسة. اما الافلام الجيدة فتعرف ايضا من خلال مؤشرات متعددة منها سمعة المخرج ، راي النقاد ، الصمود امام اختبار الزمن و اخيرا التقييم الشخصي بالمشاهدة.
دمتم في الرضا ،