قراءة ما بين السطور
بسم الله الرحمن الرحيم
قراءة ما بين السطور فن لا يملكه الكثيرون فهو ملكة تدل على عمق نظرة و فكر الشخص و لكني في هذه السطور لا ادعو الى قراءة ما بين السطور بل ادعو الى اجتناب ذلك مهما امكن لانه في احيان كثيرة يساء استخدامه او يؤخذ الى حدوده القصوى و الحق ان الامور لا تؤخذ بغير ظواهرها الا مع وجود القرائن المساعدة و اليك بعض الامثلة المتنوعة من سوء الاستخدام :
عندما طرحت شركة بلاكبيري جهاز Z10 كتب احدهم ان الشركة فقدت هويتها و من الادلة التي ساقها ان الشركات تفخر بشعارها و لكن بلاكبيري في هذا الجهاز وضعت الشعار في الاسفل بعد ان كانت تضعه في الاعلى و هذا يدل بزعمه على ان الشركة فقدت هويتها و من ضعف الهوية ان تضع الشركة شعارها في الاسفل بدلا من الاعلى ! هذا و المسألة لا تعدو ان تكون مسألة فنية اذ ان في هذا الجهاز المكان الانسب للشعار هو الاسفل و يدل على خطأ قراءته ان الشركة في اجهزة لاحقة مثل الكلاسيك وضعت الشعار في الاعلى فالمسألة لا تعدو كونها مسألة ذوق فني و لا دخل لها في الهوية و الثقة .
اما في الجانب الاجتماعي و الدراسات المتعلقة بها فالامثلة كثيرة فترى الناس تبحر في قراءة الناس من حولها بناء على لون الملابس او شكل تصفيفة الشعر او طريقة الكلام او نوع السيارة ، متجاهلين بذلك ان الكثير من هذه الامور تأتي عفوية و في كثير من الاحيان الاخرى هي اختيارات من اقربائهم و اصدقائهم كهدايا و ما الى ذلك.
و في جانب الدراسات التاريخية ايضا هناك الكثير من الشخصيات التاريخية ظلمت لان بعض الدارسين استنتج استنتاجات غير صحيحة او على الاقل غير مؤكدة . فمن الامثلة الكثيرة التي احب ان اشير اليها هي شخصيات عظيمة من مثل ابن عباس و ابن الحنفية و ابن جعفر فهي دائما تذكر كأمثلة على الشخصية الانهزامية في وقت ثورة الامام الحسين عليه السلام بناء على بعض حوارات دارت بينهم و بين الامام الحسين عليه السلام . و لكن من يعتقد ذلك فهو انما يبني على الظن فمجرد ان الخطاب لا يدعو الى الخروج لا يعني الانهزامية بالضرورة :
1- فقد يكون المغزى هو استيضاح الاسباب لكي يتبين للناس في ذلك العصر و كذا في زماننا اسباب خروج الامام الحسين عليه السلام بتلك الطريقة .
2- و قد يكون المغزى هو دراسة الخيارات الاخرى من مثل الذهاب الى اليمن و ما الى ذلك و هنا ايضا سيتبين للناس لماذا رفض الامام عليه السلام الخيارات الاخرى .
نعم فطريقة تمثيل الادوار من الطرق المعروفة في النصوص الدينية فترى المعصوم مثلا يسأل عن شيء و هو اعلم به و ذلك لاسباب مختلفة من مثل لفت النظر الى امر ما او ترى ان معصومين يقومان بتمثيل ادوار لايصال معنى ما بطريقة مناسبة لعامة الناس و امثلة هذا النوع كثيرة فمن القرآن الملكان اللذان دخلا على داود و منه ايضا ما جرى في قصة الخضر و ما جرى بين زكريا و مريم عليهم جميعا سلام الله . و منه ايضا الحوارات الكثيرة من مثل ما كان بين الامام علي عليه السلام و ابنه الامام الحسن عليه السلام و في مكان اخر ابنته السيدة زينب عليها السلام فالامثلة لا تحصى .
فهؤلاء الشخصيات أعني ابن عباس و ابن الحنفية و ابن جعفر شخصيات معروفة بشجاعتها و قد اثبتت ذلك مرارا في الحروب مع امير المؤمنين عليه السلام و في مواقف المواجهة مع غاصبي حق آل محمد عليهم السلام. فالاولى هو توجيه هذه الحوارات التوجيه الصحيح الذي لا يمس بهذه الشخصيات خاصة اذا أدركنا نقطتين :
1- ان لدى هذه الشخصيات عذر عدم الخروج فابن الحنفية كان وقتها مريضا كما يذكر التاريخ و كان ابن جعفر قد فقد بصره حينها و ابن عباس قد يكون كذلك لكبر سنه مريضا .
2- ان هذه الشخصيات لها وزنها الاجتماعي و السياسي و قد يكون ان الله سبحانه و تعالى استبقاها لمواصلة ادوارها بعد واقعة كربلاء و هذا من الامور التي تساعد على تقويض مساعي الاعلام الاموي وقتها . نعم فالبقاء بعد كربلاء في نفسه لا يقدح في الشخصيات التي ربما بقيت لاسباب اختارها الله سبحانه و تعالى فهذا مثلا الحسن بن الامام الحسن عليه السلام بعد ان اثخن بالجراح سحب من ارض المعركة و تمت معالجته فهل نقول انه مخذول لانه لم ينل شرف الشهادة ام انها ارادة الله سبحانه و تعالى ان يستمر منه نسل الامام الحسن عليه السلام و يخرج من صلبه شخصيات عظيمة وقفت في وجه طغاة عصرها ؟ هذا فضلا عن انه لو كان مجرد البقاء قدحا و مذمة للشخصية فهذا سيشمل الامام زين العابدين عليه السلام و الحال ان بقاء الامام لو تعدينا مسألة المرض كان لاسباب معروفة فبقاؤه بقاء الامامة و بقاؤه بقاء نسل الامام الحسين عليه السلام و بقاؤه مواصلة لمسيرة ابيه و حفظا لعائلته و ارغاما لانف بني امية في مسعاها لاطفاء نور الرسالة و ابادة نسل اهل هذا البيت الشريف .
3- ان هناك قرائن اخرى لا تساعد على قراءة هذه المواقف كمواقف انهزامية فابن جعفر مثلا ارسل ابناءه الاربعة مع امهم فخر المخدرات عليها السلام للخروج مع الامام عليه السلام أفلا يدل هذا صراحة على ان موقفه هو موقف الخروج مع الامام و ما اقعده عن ان يخرج بنفسه الا ذهاب بصره ؟ فكيف يقال عن مثله انه مثال على الانهزامية في عصر الحسين عليه السلام ؟ و كيف يجوز لنا ان نعمم نظرية الانهزامية و نضع امثال هؤلاء في سلة واحدة مع اشخاص من امثال عبيدالله بن الحر الجعفي الذي اكتفى بتقديم فرسه للامام عندما استنصره الامام عليه السلام ، و عبدالله بن مسعود النهشلي الذي قدم الرسول و الرسالة الى ابن زياد لعنه الله .
عندما تتعلق الامور بالاشخاص سواء من التاريخ او من المحيط الذي نعيش فيه يجب ان نتوخى الحذر فلا نتعامل مع النصوص و المؤشرات حينها كما نتعامل مع النصوص الادبية و الاشعار الرمزية التي نعلم يقينا ان الشاعر يحاول فيها ان يوصل لنا أفكارا باسلوب غير مباشر . و من المضحك المبكي ان ترى الكثير ممن يسمى بعالم اجتماع او عالم نفس عندهم يحاول جاهدا ان يستنطق النصوص بما يخدم نظريته . الحاصل يجب الحذر و التأني في قراءة ما بين السطور خاصة في الامور التي تمس شخصيات اجتماعية او تاريخية فنحن امرنا بحسن الظن و قراءة ما بين السطور انما هي امور ظنية خاصة فيما يتعلق بالنصوص التاريخية و قد نهينا عن الظن قوله تعالى " ان الظن لا يغني من الحق شيئا " فالمبالغة في استنطاق النصوص امر غير محبذ فهو ان كان مصيبا سيبقى ظنا و ان كان مخطأ فهو سوء ظن و افتراء .
دمتم في الرضا عليه السلام ،
قراءة ما بين السطور فن لا يملكه الكثيرون فهو ملكة تدل على عمق نظرة و فكر الشخص و لكني في هذه السطور لا ادعو الى قراءة ما بين السطور بل ادعو الى اجتناب ذلك مهما امكن لانه في احيان كثيرة يساء استخدامه او يؤخذ الى حدوده القصوى و الحق ان الامور لا تؤخذ بغير ظواهرها الا مع وجود القرائن المساعدة و اليك بعض الامثلة المتنوعة من سوء الاستخدام :
عندما طرحت شركة بلاكبيري جهاز Z10 كتب احدهم ان الشركة فقدت هويتها و من الادلة التي ساقها ان الشركات تفخر بشعارها و لكن بلاكبيري في هذا الجهاز وضعت الشعار في الاسفل بعد ان كانت تضعه في الاعلى و هذا يدل بزعمه على ان الشركة فقدت هويتها و من ضعف الهوية ان تضع الشركة شعارها في الاسفل بدلا من الاعلى ! هذا و المسألة لا تعدو ان تكون مسألة فنية اذ ان في هذا الجهاز المكان الانسب للشعار هو الاسفل و يدل على خطأ قراءته ان الشركة في اجهزة لاحقة مثل الكلاسيك وضعت الشعار في الاعلى فالمسألة لا تعدو كونها مسألة ذوق فني و لا دخل لها في الهوية و الثقة .
اما في الجانب الاجتماعي و الدراسات المتعلقة بها فالامثلة كثيرة فترى الناس تبحر في قراءة الناس من حولها بناء على لون الملابس او شكل تصفيفة الشعر او طريقة الكلام او نوع السيارة ، متجاهلين بذلك ان الكثير من هذه الامور تأتي عفوية و في كثير من الاحيان الاخرى هي اختيارات من اقربائهم و اصدقائهم كهدايا و ما الى ذلك.
و في جانب الدراسات التاريخية ايضا هناك الكثير من الشخصيات التاريخية ظلمت لان بعض الدارسين استنتج استنتاجات غير صحيحة او على الاقل غير مؤكدة . فمن الامثلة الكثيرة التي احب ان اشير اليها هي شخصيات عظيمة من مثل ابن عباس و ابن الحنفية و ابن جعفر فهي دائما تذكر كأمثلة على الشخصية الانهزامية في وقت ثورة الامام الحسين عليه السلام بناء على بعض حوارات دارت بينهم و بين الامام الحسين عليه السلام . و لكن من يعتقد ذلك فهو انما يبني على الظن فمجرد ان الخطاب لا يدعو الى الخروج لا يعني الانهزامية بالضرورة :
1- فقد يكون المغزى هو استيضاح الاسباب لكي يتبين للناس في ذلك العصر و كذا في زماننا اسباب خروج الامام الحسين عليه السلام بتلك الطريقة .
2- و قد يكون المغزى هو دراسة الخيارات الاخرى من مثل الذهاب الى اليمن و ما الى ذلك و هنا ايضا سيتبين للناس لماذا رفض الامام عليه السلام الخيارات الاخرى .
نعم فطريقة تمثيل الادوار من الطرق المعروفة في النصوص الدينية فترى المعصوم مثلا يسأل عن شيء و هو اعلم به و ذلك لاسباب مختلفة من مثل لفت النظر الى امر ما او ترى ان معصومين يقومان بتمثيل ادوار لايصال معنى ما بطريقة مناسبة لعامة الناس و امثلة هذا النوع كثيرة فمن القرآن الملكان اللذان دخلا على داود و منه ايضا ما جرى في قصة الخضر و ما جرى بين زكريا و مريم عليهم جميعا سلام الله . و منه ايضا الحوارات الكثيرة من مثل ما كان بين الامام علي عليه السلام و ابنه الامام الحسن عليه السلام و في مكان اخر ابنته السيدة زينب عليها السلام فالامثلة لا تحصى .
فهؤلاء الشخصيات أعني ابن عباس و ابن الحنفية و ابن جعفر شخصيات معروفة بشجاعتها و قد اثبتت ذلك مرارا في الحروب مع امير المؤمنين عليه السلام و في مواقف المواجهة مع غاصبي حق آل محمد عليهم السلام. فالاولى هو توجيه هذه الحوارات التوجيه الصحيح الذي لا يمس بهذه الشخصيات خاصة اذا أدركنا نقطتين :
1- ان لدى هذه الشخصيات عذر عدم الخروج فابن الحنفية كان وقتها مريضا كما يذكر التاريخ و كان ابن جعفر قد فقد بصره حينها و ابن عباس قد يكون كذلك لكبر سنه مريضا .
2- ان هذه الشخصيات لها وزنها الاجتماعي و السياسي و قد يكون ان الله سبحانه و تعالى استبقاها لمواصلة ادوارها بعد واقعة كربلاء و هذا من الامور التي تساعد على تقويض مساعي الاعلام الاموي وقتها . نعم فالبقاء بعد كربلاء في نفسه لا يقدح في الشخصيات التي ربما بقيت لاسباب اختارها الله سبحانه و تعالى فهذا مثلا الحسن بن الامام الحسن عليه السلام بعد ان اثخن بالجراح سحب من ارض المعركة و تمت معالجته فهل نقول انه مخذول لانه لم ينل شرف الشهادة ام انها ارادة الله سبحانه و تعالى ان يستمر منه نسل الامام الحسن عليه السلام و يخرج من صلبه شخصيات عظيمة وقفت في وجه طغاة عصرها ؟ هذا فضلا عن انه لو كان مجرد البقاء قدحا و مذمة للشخصية فهذا سيشمل الامام زين العابدين عليه السلام و الحال ان بقاء الامام لو تعدينا مسألة المرض كان لاسباب معروفة فبقاؤه بقاء الامامة و بقاؤه بقاء نسل الامام الحسين عليه السلام و بقاؤه مواصلة لمسيرة ابيه و حفظا لعائلته و ارغاما لانف بني امية في مسعاها لاطفاء نور الرسالة و ابادة نسل اهل هذا البيت الشريف .
3- ان هناك قرائن اخرى لا تساعد على قراءة هذه المواقف كمواقف انهزامية فابن جعفر مثلا ارسل ابناءه الاربعة مع امهم فخر المخدرات عليها السلام للخروج مع الامام عليه السلام أفلا يدل هذا صراحة على ان موقفه هو موقف الخروج مع الامام و ما اقعده عن ان يخرج بنفسه الا ذهاب بصره ؟ فكيف يقال عن مثله انه مثال على الانهزامية في عصر الحسين عليه السلام ؟ و كيف يجوز لنا ان نعمم نظرية الانهزامية و نضع امثال هؤلاء في سلة واحدة مع اشخاص من امثال عبيدالله بن الحر الجعفي الذي اكتفى بتقديم فرسه للامام عندما استنصره الامام عليه السلام ، و عبدالله بن مسعود النهشلي الذي قدم الرسول و الرسالة الى ابن زياد لعنه الله .
عندما تتعلق الامور بالاشخاص سواء من التاريخ او من المحيط الذي نعيش فيه يجب ان نتوخى الحذر فلا نتعامل مع النصوص و المؤشرات حينها كما نتعامل مع النصوص الادبية و الاشعار الرمزية التي نعلم يقينا ان الشاعر يحاول فيها ان يوصل لنا أفكارا باسلوب غير مباشر . و من المضحك المبكي ان ترى الكثير ممن يسمى بعالم اجتماع او عالم نفس عندهم يحاول جاهدا ان يستنطق النصوص بما يخدم نظريته . الحاصل يجب الحذر و التأني في قراءة ما بين السطور خاصة في الامور التي تمس شخصيات اجتماعية او تاريخية فنحن امرنا بحسن الظن و قراءة ما بين السطور انما هي امور ظنية خاصة فيما يتعلق بالنصوص التاريخية و قد نهينا عن الظن قوله تعالى " ان الظن لا يغني من الحق شيئا " فالمبالغة في استنطاق النصوص امر غير محبذ فهو ان كان مصيبا سيبقى ظنا و ان كان مخطأ فهو سوء ظن و افتراء .
دمتم في الرضا عليه السلام ،