قراءة في كتاب "المراقبة"
بسم الله الرحمن الرحيم
لفت نظري كتاب باسم المراقبة (و هو ليس كتاب الملكي التبريزي المعنون بنفس العنوان فكتاب التبريزي عن مراقبة الايام بالاعمال و هو بعيد كليا عن كتابنا ) ، و بعنوان ثانوي كتب "طريق الاتصال الواعي بالخالق". الحقيقة لم اكن اعرف ماذا اتوقع من هذا الكتاب فهذه اول مرة اقرا شيئا للدكتور "وين داير" و ليس لدي تصور عن مدى جودة كتاباته. ما دفعني لشراء الكتاب هو قصره و تركيزه و ايضا من خلال تصفحي رايت كلاما عن السكوت فقلت تحب ان تعرف ماذا لدى هذا الكاتب ليقوله عن السكوت !
ايضا ما جعلني استبعد فكرة كون الكتاب من الكتب التجارية هو انه مترجم الى الفارسية و هم اقل اهتماما منا بترجمة هكذا كتب ، فلو دخلت مثلا مكتبة جرير تجد عشرات و لربما مئات الكتب التجارية ذات الوعود الكبيرة مصفوفة في الرفوف الاولى و لكن هذه الظاهرة جدا نادرة عند الفرس فهم اقل اهتماما بترجمة الكتب التجارية . على كل حال …
الكتاب يتكون من ستة فصول و من الغريب اني لم انتبه للفصل السادس اثناء تصفحي للكتاب و الا لم اكن لاشتريه اساسا. فهذا الفصل الغريب عبارة عن مجموعة رسائل من اشخاص يدعي الكاتب انهم راسلوه ليشكروه و يخبروه بنجاح و جدوى طريقته. فضلا عن كون هذا الامر لا يثري الكتاب ، الا يذكركم هذا بالمواقع المحتالة في الانترنت التي تعد بدخل شهري ثابت او غير ذلك من الوعود و ترى قسما خاصا بشهادات اشخاص يزعمون انهم استفادوا من الموقع ؟
بما اننا بدانا بالفصل السادس لماذا لا نكمل بايجاز بالفصل الخامس فنقول هو عبارة عن مجموعة من الاسئلة الاكثر شيوعا عن طريقة الكاتب في المراقبة . الان لنعد الى الفصل الاول الذي هو مجرد تمهيد يجيب فيه الكاتب عن سؤال مهم الا و هو لماذا المراقبة؟ (بالمناسبة التعبير الاكثر شيوعا عندنا للمراقبة هو التأمل meditation فلو قلت مراقبة يمكنكم ان تستبدلوها بكلمة تأمل بدون اخلال بالمعنى) . الغريب ان الكاتب و بالرغم من انه جعل عنوان كتابه هو الارتباط الواعي بالخالق الا انه جعل الغاية من المراقبة هو الحصول على الامنيات ؟! و التي لن تتحقق الا عن طريق الارتباط الواعي بالخالق ، فهو بهذا جعل من علاقتنا الواعية مجرد جسر او معبر لتحقيق الامنيات (لا يخفى ان الامنيات تنبعث من الانية ، الشيء الذي يقول عنه انه سبب المشاكل كما سيأتي).
ثم تكلم عن الانية لدينا و انها هي التي تمنعنا من الاتحاد مع الكون و لا يخفى هنا تأثير الفلسفة الشرقية التي تدعو في اغلب تعليماتها الى الاتحاد بالكون فهو بذلك يكرر كلامهم. اخيرا تكلم باختصار عن السكوت و ان الافكار تمنعنا من ان نعيشه و اشار الى بعض الدراسات التي تقول بأن الانسان تمر عليه 60 الف فكرة في اليوم .
في الفصل الثاني يبدا التفصيل في مسألة الافكار و الذهن الانساني و يبدا بالتمهيد لطريقته في المراقبة بالكلام عن الفراغ فهو يعتبر ان الفراغ هو القوة الخلاقة في الكون و يستدل على ذلك ببعض ادلة ليس هنا مكانها. الحاصل في النهاية هو يدعي ان الفراغ كونه خلاقا يمكننا ان نصل من خلاله الى تحقيق امنياتنا .
في الفصلين اللاحقين يبدا الكلام العملي عن طريقته في المراقبة و يمكن تلخيصها بما يلي :
ان بين الافكار فراغات يمكن الولوج فيها و البقاء فيها و من خلال البقاء فيها نشعر بمتعة عارمة و راحة تفوق ما يتحصله الجسم من راحة عندما ينام، الى غير ذلك من الفوائد التي يتحصل عليها الشخص عندما يكون في الفراغ من قدرته على شفاء الامراض و تحقيق الامنيات . اذا الهدف هو الولوج الى الفراغات التي ما بين الافكار و لكن كلنا نعلم ان الافكار عندنا سريعة و متتالية لذلك الهدف من المراقبة هو تقليل الافكار الى اقل نسبة ممكنة فبدلا من 60 الف فكرة في اليوم ربما يمكننا ان نقللها الى 5 الاف فكرة. عندما تقل الافكار بطبيعة الحال ستطول الفترات التي تكون بين الافكار و من خلالها تكون امكانية الولوج اسهل و اكثر عملانية. اما الطريقة العملية فيمكن تلخيصها الى الاسترخاء في مكان هاديء في اي وضعية يختارها الشخص سواء قائما او قاعدا او حتى مستلقيا ثم اغماض العينين و محاولة رسم اول كلمة من جملة معينة مثلا هو اختار دعاء من الانجيل "ابونا الذي في السماء ..ألخ" ، نقوم بترسيخ صورة كلمة ابونا الى ان تنطبع في الذهن ثم ننتقل الى اليسار و نركز على كلمة الذي حتى تنتقش هي بدورها حينها نعود للتركيز على الفراغ بين الكلمتين و محاولة الولوج و نكرر العملية . المدة المتوقعة لهذا التمرين هي 20 دقيقة و اخيرا هو يقترح تقنية تأملية اسمها الجابا تساعد على اطالة فترة البقاء في الفراغ يتكلم عنها بتفصيل ممل في الفصل التالي .
شخصيا اقول ، الرائحة التجارية تفوح من الكتاب في مواطن كثيرة مثل الفصل السادس و الملحق الاول و اشاراته الكثيرة في طيات الكتاب الى منتجاته و كتبه الاخرى و الوعود العملاقة ، هذا مع القليل من العقائد الفاسدة تجعلني لا انصح بقراءة الكتاب . يمكنني تلخيص فكرة الكتاب في كونها مجرد مزيج بين نظرية الجذب المعروفة و بين التأمل الشرقي (سواء بوذي ، يوجا ..الخ) بدون اضافات مميزة و مبتكرة من الكاتب .
سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين
لفت نظري كتاب باسم المراقبة (و هو ليس كتاب الملكي التبريزي المعنون بنفس العنوان فكتاب التبريزي عن مراقبة الايام بالاعمال و هو بعيد كليا عن كتابنا ) ، و بعنوان ثانوي كتب "طريق الاتصال الواعي بالخالق". الحقيقة لم اكن اعرف ماذا اتوقع من هذا الكتاب فهذه اول مرة اقرا شيئا للدكتور "وين داير" و ليس لدي تصور عن مدى جودة كتاباته. ما دفعني لشراء الكتاب هو قصره و تركيزه و ايضا من خلال تصفحي رايت كلاما عن السكوت فقلت تحب ان تعرف ماذا لدى هذا الكاتب ليقوله عن السكوت !
ايضا ما جعلني استبعد فكرة كون الكتاب من الكتب التجارية هو انه مترجم الى الفارسية و هم اقل اهتماما منا بترجمة هكذا كتب ، فلو دخلت مثلا مكتبة جرير تجد عشرات و لربما مئات الكتب التجارية ذات الوعود الكبيرة مصفوفة في الرفوف الاولى و لكن هذه الظاهرة جدا نادرة عند الفرس فهم اقل اهتماما بترجمة الكتب التجارية . على كل حال …
الكتاب يتكون من ستة فصول و من الغريب اني لم انتبه للفصل السادس اثناء تصفحي للكتاب و الا لم اكن لاشتريه اساسا. فهذا الفصل الغريب عبارة عن مجموعة رسائل من اشخاص يدعي الكاتب انهم راسلوه ليشكروه و يخبروه بنجاح و جدوى طريقته. فضلا عن كون هذا الامر لا يثري الكتاب ، الا يذكركم هذا بالمواقع المحتالة في الانترنت التي تعد بدخل شهري ثابت او غير ذلك من الوعود و ترى قسما خاصا بشهادات اشخاص يزعمون انهم استفادوا من الموقع ؟
بما اننا بدانا بالفصل السادس لماذا لا نكمل بايجاز بالفصل الخامس فنقول هو عبارة عن مجموعة من الاسئلة الاكثر شيوعا عن طريقة الكاتب في المراقبة . الان لنعد الى الفصل الاول الذي هو مجرد تمهيد يجيب فيه الكاتب عن سؤال مهم الا و هو لماذا المراقبة؟ (بالمناسبة التعبير الاكثر شيوعا عندنا للمراقبة هو التأمل meditation فلو قلت مراقبة يمكنكم ان تستبدلوها بكلمة تأمل بدون اخلال بالمعنى) . الغريب ان الكاتب و بالرغم من انه جعل عنوان كتابه هو الارتباط الواعي بالخالق الا انه جعل الغاية من المراقبة هو الحصول على الامنيات ؟! و التي لن تتحقق الا عن طريق الارتباط الواعي بالخالق ، فهو بهذا جعل من علاقتنا الواعية مجرد جسر او معبر لتحقيق الامنيات (لا يخفى ان الامنيات تنبعث من الانية ، الشيء الذي يقول عنه انه سبب المشاكل كما سيأتي).
ثم تكلم عن الانية لدينا و انها هي التي تمنعنا من الاتحاد مع الكون و لا يخفى هنا تأثير الفلسفة الشرقية التي تدعو في اغلب تعليماتها الى الاتحاد بالكون فهو بذلك يكرر كلامهم. اخيرا تكلم باختصار عن السكوت و ان الافكار تمنعنا من ان نعيشه و اشار الى بعض الدراسات التي تقول بأن الانسان تمر عليه 60 الف فكرة في اليوم .
في الفصل الثاني يبدا التفصيل في مسألة الافكار و الذهن الانساني و يبدا بالتمهيد لطريقته في المراقبة بالكلام عن الفراغ فهو يعتبر ان الفراغ هو القوة الخلاقة في الكون و يستدل على ذلك ببعض ادلة ليس هنا مكانها. الحاصل في النهاية هو يدعي ان الفراغ كونه خلاقا يمكننا ان نصل من خلاله الى تحقيق امنياتنا .
في الفصلين اللاحقين يبدا الكلام العملي عن طريقته في المراقبة و يمكن تلخيصها بما يلي :
ان بين الافكار فراغات يمكن الولوج فيها و البقاء فيها و من خلال البقاء فيها نشعر بمتعة عارمة و راحة تفوق ما يتحصله الجسم من راحة عندما ينام، الى غير ذلك من الفوائد التي يتحصل عليها الشخص عندما يكون في الفراغ من قدرته على شفاء الامراض و تحقيق الامنيات . اذا الهدف هو الولوج الى الفراغات التي ما بين الافكار و لكن كلنا نعلم ان الافكار عندنا سريعة و متتالية لذلك الهدف من المراقبة هو تقليل الافكار الى اقل نسبة ممكنة فبدلا من 60 الف فكرة في اليوم ربما يمكننا ان نقللها الى 5 الاف فكرة. عندما تقل الافكار بطبيعة الحال ستطول الفترات التي تكون بين الافكار و من خلالها تكون امكانية الولوج اسهل و اكثر عملانية. اما الطريقة العملية فيمكن تلخيصها الى الاسترخاء في مكان هاديء في اي وضعية يختارها الشخص سواء قائما او قاعدا او حتى مستلقيا ثم اغماض العينين و محاولة رسم اول كلمة من جملة معينة مثلا هو اختار دعاء من الانجيل "ابونا الذي في السماء ..ألخ" ، نقوم بترسيخ صورة كلمة ابونا الى ان تنطبع في الذهن ثم ننتقل الى اليسار و نركز على كلمة الذي حتى تنتقش هي بدورها حينها نعود للتركيز على الفراغ بين الكلمتين و محاولة الولوج و نكرر العملية . المدة المتوقعة لهذا التمرين هي 20 دقيقة و اخيرا هو يقترح تقنية تأملية اسمها الجابا تساعد على اطالة فترة البقاء في الفراغ يتكلم عنها بتفصيل ممل في الفصل التالي .
شخصيا اقول ، الرائحة التجارية تفوح من الكتاب في مواطن كثيرة مثل الفصل السادس و الملحق الاول و اشاراته الكثيرة في طيات الكتاب الى منتجاته و كتبه الاخرى و الوعود العملاقة ، هذا مع القليل من العقائد الفاسدة تجعلني لا انصح بقراءة الكتاب . يمكنني تلخيص فكرة الكتاب في كونها مجرد مزيج بين نظرية الجذب المعروفة و بين التأمل الشرقي (سواء بوذي ، يوجا ..الخ) بدون اضافات مميزة و مبتكرة من الكاتب .
سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين