رؤيا عند منتصف الليل
بسم الله الرحمن الرحيم
هل سمعتم عن شيخ معمم يكتب رواية غرامية ؟ نعم فرواية " رؤيا عند منتصف الليل" لكاتبها الشيخ مظفر السالاري عبارة عن قصة حب بين هاشم السني و ريحانة الشيعية. حقيقة لم يكن لدي تصور عن احداث القصة فقد كنت اعتقد انها تجري في الزمن المعاصر في احدى مناطق ايران. لكن الكاتب اختار الحلة في العراق و ليس هذا فقط بل رجع بنا مئات السنين، حوالي مائة سنة بعد سقوط الدولة العباسية.
شاب سني وسيم تسحره عيون فتاة شيعية عندما تأتي لزيارة متجر جده و يحاول ان يتزوجها و لكن الحواجز المذهبية تمنع هذا الارتباط . ثم ماذا ؟ الرواية طويلة نسبيا حوالي 280 صفحة و الخط صغير جدا لم ادر كيف سيدفع الكاتب بعجلة الاحداث هل سيماطل في حوارات مملة رتيبة؟
لقد كنت مخطئا فما ان شرعت في قراءة الرواية الا و شدتني الاحداث فكان يصعب علي وضع الرواية اذا امسكت بها ! استطاع الكاتب بأسلوب رائع و سلس ان يتقدم في الاحداث بدون استخدام الجمل الانشائية الطويلة او الفقرات الوصفية المملة بل كان تركيزه على تكثيف الاحداث بتضمين عدة شخصيات و قصص جانبية .
ما يحسب للكاتب ايضا قدرته على تناول هكذا موضوع بدون اثارة اي نقاط طائفية فلا يوجد ما يمكن ان يعتبره البعض نوعا من انواع البروبجندا ، فهو يتجاوز النقاط الخلافية و يمر عليها مرور الكرام و ان كانت النهاية قد تحسب على انها انحياز لطائفته.
يمكننا ان نقسم الرواية الى ثلاثة محاور اساسية :
1- المحور الادبي الروائي : و يدور حول غرام هاشم بريحانة و بقية الشخصيات المساعدة و الاماكن الخيالية.
2- المحور التاريخي : ذلك ان الرواية تحتوي على العديد من الاحداث و الاماكن التاريخية الحقيقية مثل الحلة ، ابي راجح الحمامي، مرجان الصغير و اسماعيل الهرقلي.
3- المحور الديني : و فيه يحاول الكاتب ان يضمن روايته بعض الدروس الاخلاقية و العقائدية. اما ادبيا فأعتقد ان الشيخ استطاع ان يعرض القصة و كأنها قصة من قصص الف ليلة و ليلة بل ازعم ان تأثره بها ظاهر في ثنايا القصة، خاصة فيما يتعلق بقنواء و رشيد و احداث دار الحكومة. و انصافا استطاع ان يخاطب الشباب بلغتهم و يبدو ان الرواية استقبلت استقبالا جيدا. أعتقد ان الكاتب انما اختلق هذه القصة الغرامية كي يستطيع ان يطرح موضوع التشرف بلقاء صاحب الزمان "عجل الله فرجه الشريف" بلسان يفهمه الشباب لكن مع ذلك اعتقد ان الشيخ لم يوفق في الغاية. أعني ان الشيخ لم يوفق في طرح الغاية المناسبة من الارتباط بصاحب الزمان "عجل الله فرجه الشريف" فالرواية انما قدمت الامام بصورة المنقذ الذي نستصرخه في وقت الحاجة . و كأن علاقة ابطال القصة بالامام علاقة قضاء حوائج فقط و هذا طبعا شيء مطلوب و لكن كنت اتوقع من الكاتب ان يتناول موضوع علاقتنا بالامام من جهات اكثر عمقا و معرفة. المشكلة في العلاقة التي تكون مبنية على الحاجة و الفقر انها تضعف مع استغناء الانسان فالله سبحانه و تعالى اشار الى هذه الحقيقة في قوله تعالى ( ان الانسان ليطغى * ان راه استغنى ). لذلك نرى ان الغالبية من الاغنياء بل ميسوري الحال في غفلة عن فقرهم و حاجتهم الا ان تصفعهم الدنيا فيعودون الى خالقهم يشتكون ما نزل بهم من الضر. هذا بخلاف مثلا ما بني على المعرفة او المشاهدة او الحب ففيه خاصية الاستمرارية . انظر هذا الحديث عن الامام الصادق عليه السلام ففيه كفاية في هذا الباب :
قلت للصادق (عليه السلام) : جعلت فداك !.. متى الفرج ؟.. فقال : يا أبا بصير !.. أنت ممن يريد الدنيا ؟.. من عرف هذا الأمر فقد فُرّج عنه بانتظاره .
ختاما ، كنت في الفترة الاخيرة افكر في كتابة روايات تبتني على وقائع تاريخية و لكن الى الان لم اصل الى الرؤية المطلوبة في كيفية تناول هكذا مواضيع بحيث يتاح لي الخيال الادبي مع الاحتفاظ بالحقائق التاريخية. في هذه الرواية الكاتب لم تكن لديه عقبة الحفاظ على الحقائق التاريخية فهو لم يتناولها اساسا و انما ادخل قصة تاريخية جانبية داخل القصة الخيالية فلم يكن هناك الكثير ليوفق بينه. ان شاء الله اذا تيسرت الامور و وجدت متسعا من الوقت سأنظر جديا في هذا الموضوع .
دمتم في الرضا ،
هل سمعتم عن شيخ معمم يكتب رواية غرامية ؟ نعم فرواية " رؤيا عند منتصف الليل" لكاتبها الشيخ مظفر السالاري عبارة عن قصة حب بين هاشم السني و ريحانة الشيعية. حقيقة لم يكن لدي تصور عن احداث القصة فقد كنت اعتقد انها تجري في الزمن المعاصر في احدى مناطق ايران. لكن الكاتب اختار الحلة في العراق و ليس هذا فقط بل رجع بنا مئات السنين، حوالي مائة سنة بعد سقوط الدولة العباسية.
شاب سني وسيم تسحره عيون فتاة شيعية عندما تأتي لزيارة متجر جده و يحاول ان يتزوجها و لكن الحواجز المذهبية تمنع هذا الارتباط . ثم ماذا ؟ الرواية طويلة نسبيا حوالي 280 صفحة و الخط صغير جدا لم ادر كيف سيدفع الكاتب بعجلة الاحداث هل سيماطل في حوارات مملة رتيبة؟
لقد كنت مخطئا فما ان شرعت في قراءة الرواية الا و شدتني الاحداث فكان يصعب علي وضع الرواية اذا امسكت بها ! استطاع الكاتب بأسلوب رائع و سلس ان يتقدم في الاحداث بدون استخدام الجمل الانشائية الطويلة او الفقرات الوصفية المملة بل كان تركيزه على تكثيف الاحداث بتضمين عدة شخصيات و قصص جانبية .
ما يحسب للكاتب ايضا قدرته على تناول هكذا موضوع بدون اثارة اي نقاط طائفية فلا يوجد ما يمكن ان يعتبره البعض نوعا من انواع البروبجندا ، فهو يتجاوز النقاط الخلافية و يمر عليها مرور الكرام و ان كانت النهاية قد تحسب على انها انحياز لطائفته.
يمكننا ان نقسم الرواية الى ثلاثة محاور اساسية :
1- المحور الادبي الروائي : و يدور حول غرام هاشم بريحانة و بقية الشخصيات المساعدة و الاماكن الخيالية.
2- المحور التاريخي : ذلك ان الرواية تحتوي على العديد من الاحداث و الاماكن التاريخية الحقيقية مثل الحلة ، ابي راجح الحمامي، مرجان الصغير و اسماعيل الهرقلي.
3- المحور الديني : و فيه يحاول الكاتب ان يضمن روايته بعض الدروس الاخلاقية و العقائدية. اما ادبيا فأعتقد ان الشيخ استطاع ان يعرض القصة و كأنها قصة من قصص الف ليلة و ليلة بل ازعم ان تأثره بها ظاهر في ثنايا القصة، خاصة فيما يتعلق بقنواء و رشيد و احداث دار الحكومة. و انصافا استطاع ان يخاطب الشباب بلغتهم و يبدو ان الرواية استقبلت استقبالا جيدا. أعتقد ان الكاتب انما اختلق هذه القصة الغرامية كي يستطيع ان يطرح موضوع التشرف بلقاء صاحب الزمان "عجل الله فرجه الشريف" بلسان يفهمه الشباب لكن مع ذلك اعتقد ان الشيخ لم يوفق في الغاية. أعني ان الشيخ لم يوفق في طرح الغاية المناسبة من الارتباط بصاحب الزمان "عجل الله فرجه الشريف" فالرواية انما قدمت الامام بصورة المنقذ الذي نستصرخه في وقت الحاجة . و كأن علاقة ابطال القصة بالامام علاقة قضاء حوائج فقط و هذا طبعا شيء مطلوب و لكن كنت اتوقع من الكاتب ان يتناول موضوع علاقتنا بالامام من جهات اكثر عمقا و معرفة. المشكلة في العلاقة التي تكون مبنية على الحاجة و الفقر انها تضعف مع استغناء الانسان فالله سبحانه و تعالى اشار الى هذه الحقيقة في قوله تعالى ( ان الانسان ليطغى * ان راه استغنى ). لذلك نرى ان الغالبية من الاغنياء بل ميسوري الحال في غفلة عن فقرهم و حاجتهم الا ان تصفعهم الدنيا فيعودون الى خالقهم يشتكون ما نزل بهم من الضر. هذا بخلاف مثلا ما بني على المعرفة او المشاهدة او الحب ففيه خاصية الاستمرارية . انظر هذا الحديث عن الامام الصادق عليه السلام ففيه كفاية في هذا الباب :
قلت للصادق (عليه السلام) : جعلت فداك !.. متى الفرج ؟.. فقال : يا أبا بصير !.. أنت ممن يريد الدنيا ؟.. من عرف هذا الأمر فقد فُرّج عنه بانتظاره .
ختاما ، كنت في الفترة الاخيرة افكر في كتابة روايات تبتني على وقائع تاريخية و لكن الى الان لم اصل الى الرؤية المطلوبة في كيفية تناول هكذا مواضيع بحيث يتاح لي الخيال الادبي مع الاحتفاظ بالحقائق التاريخية. في هذه الرواية الكاتب لم تكن لديه عقبة الحفاظ على الحقائق التاريخية فهو لم يتناولها اساسا و انما ادخل قصة تاريخية جانبية داخل القصة الخيالية فلم يكن هناك الكثير ليوفق بينه. ان شاء الله اذا تيسرت الامور و وجدت متسعا من الوقت سأنظر جديا في هذا الموضوع .
دمتم في الرضا ،