جرائم العقعق – انثوني هوروتز
بسم الله الرحمن الرحيم
قرأت رواية "جرائم العقعق" – العقعق نوع من الطيور- و التي لم اكن لأقراها لو كنت اعلم انها حوالي 500 صفحة فهذا كثير على قصة بوليسية و لكن في المعلومات الرسمية مذكور انها 200 صفحة و ستعرف لاحقا لماذا ذكروا انها 200 صفحة فقط . على كل هذه الرواية للكاتب انثوني هوروتز و قد يعرفه القارئ الكريم من الاعمال التلفزيونية التي شارك في كتابتها من مثل مسلسل "جرائم مدسمر" و "مسلسل بوارو" ..الخ. نظرة سريعة على تاريخه الادبي و سندرك سريعا ان الرجل خبير في تاريخ القصة البوليسية و ان كان هناك رجل يستطيع ان يكتب عن تاريخ القصص البوليسية او ان يحاكي الديم اجاثا كريستي فهو هذا الرجل . الرواية تحكي قصة محررة تستلم نسخة من رواية بعنوان "جرائم العقعق" و نقرأ المسودة كاملة و هي عبارة عن جريمة تقع في احدى القرى البريطانية و لا يوجد شيء جديد في هذه الرواية فهي كأي رواية بوليسية كلاسيكية اخرى تحاكي اسلوب اجاثا كريستي الا انها ناقصة فالفصل الاخير الذي يفترض انه سيكشف هوية القاتل ناقص فهل الكاتب تعمد حذفه او أن يداً ما قامت بسرقته ؟ في القسم الثاني نتابع المحررة و هي تتقصى حقيقة سبب اختفاء الفصل الاخير من الرواية و في هذا الفصل ننتقل الى اجواء مختلفة كليا حيث نتعرف على الحياة الادبية لكتاب القصص البوليسية بل الكتاب البريطانيين بشكل عام و سنتعرف على سياسات دور النشر و ما يجري خلف الكواليس . عليه نعرف ان هذه الرواية تحكي عن صناعة الجريمة اي كيف نكتب قصة بوليسية فالبعض قد يتصور ان كتابة الامور الادبية انما هو موقوف على الموهبة الادبية و لكن الابداع الادبي مهارة كما اي مهارة اخرى يمكن اكتسابها من خلال التمرين و الممارسة و معرفة الاساسيات و الانماط التي يتبعها الخبراء في المجال.
هذا كان باختصار مسار القصة و ايجابيات الرواية كثيرة و لا يمكن التقليل من شأنها الا ان اغلب المراجعين كتبوا عن امتيازاتها و عبقرية كاتبها فبدلا من التطويل بذكر الايجابيات المعروفة و المدائح المكررة سأكتفي بذكر بعض ملاحظاتي على الرواية :
اول عيب ظاهر في هذه الرواية هو طولها الغير مبرر و هذا ما لاحظه الكثير من القراء غيري . قلنا ان الرواية في الحقيقية رواية في رواية فالاصح ان يقال انها روايتان في قالب رواية واحدة بل ان الكاتب لم يتحرج عن ترقيم صفحات كل رواية على حدة فنرى الصفحة الاخيرة من الرواية تحمل رقم 200 بينما في الحقيقة اذا جمعنا الروايتين مع بعض ستكون هذه الصفحة رقم 448 على الاقل. على كل حال تخيل ان تقرأ 219 صفحة متواصلة في رواية ثم فجأة و عندما تصل الى الذروة و تعرف ان المحقق سيكشف عن القاتل في الفصل الاخير ، يأتي كاتبنا المحترم و ينقلك الى رواية اخرى لتعود بعد 200 اخرى الى حيث انتهيت في الاولى لتعرف القاتل . هذا و قد استرسل الكاتب في الوصف الرتيب منذ بداية الرواية الاولى فهو يصف الملابس و المباني بشكل مسهب جدا مما جعلني استنتج ان للكاتب خلفية معمارية من نوع ما. هذا و استمر في الرواية الثانية يتابع احداثا ثانوية و كأنه في مهمة اختبار لصبر القارئ ! مثلا مسألة اختلاف المحررة مع زوجها القبرصي و ما تبع ذلك من احداث واقعا لا اعرف ماذا قدمت للقصة غير التطويل و تشتيت القارئ عن الحدث الرئيس؟
ثانيا شخصيا ارى ان النهاية في القسم الثاني كانت غريبة و غير مبررة و لا يحتاج الكاتب لان يعقد النهاية الى هذه الدرجة ثم يقدم تفسيرا مضحكا لها الا ان كان قصده التهكم اساسا فالقارئ اللبيب يعرف ان هناك تهكمات و سخريات كثيرة متناثرة في الرواية على صناعة الادب البوليسي و لربما تكون هذه منها.
ثالثا ما اعتبره البعض عبقرية محضة في اسقاط شخصيات الرواية الثانية على الاولى بوجهة نظري الشخصية و ان كان لفتة جيدة الا انه بعد التأمل نجد انها لم تقدم الكثير و ليست ابتكارية فماذا لو ان كاتبا استخدم شخصيات واقعه في كتابة روايته ما المميز في الموضوع ؟ قد فعل ذلك الكثير من الكتاب قبله . العبقرية كانت لتكون لو انه فعلا استطاع تفسير الجريمة الثانية بالاولى بمعنى ان القاتل في الرواية الثانية رمز للقاتل في الجريمة الاولى ، لا مجرد ذكر تشارك في اسماء و اماكن و ما الى ذلك و النهاية ماذا ؟
في النهاية رواية ممتازة و مشوقة و النسخة التي تحصلت عليها بطباعة فاخرة و هذا من متع الحياة ان تقرأ كتابا بطباعة فاخرة ! و لكن لا انصح بها لكل احد خصوصا من هم جدد على الادب البوليسي فهناك الكثير من اسماء الكتاب و الروايات و الاحداث و التواريخ التي لن تعني لهم شيئا ، فالافضل ان يبدؤوا بروايات كريستي او دويل كمدخل ثم ان اعجبهم التصنيف انتقلوا الى الاعمال الاكثر حداثة من مثل هذا العمل او "تفسير جريمة" او اعمال "صوفي هانه" و غيرها .
دمتم في الرضا ،
قرأت رواية "جرائم العقعق" – العقعق نوع من الطيور- و التي لم اكن لأقراها لو كنت اعلم انها حوالي 500 صفحة فهذا كثير على قصة بوليسية و لكن في المعلومات الرسمية مذكور انها 200 صفحة و ستعرف لاحقا لماذا ذكروا انها 200 صفحة فقط . على كل هذه الرواية للكاتب انثوني هوروتز و قد يعرفه القارئ الكريم من الاعمال التلفزيونية التي شارك في كتابتها من مثل مسلسل "جرائم مدسمر" و "مسلسل بوارو" ..الخ. نظرة سريعة على تاريخه الادبي و سندرك سريعا ان الرجل خبير في تاريخ القصة البوليسية و ان كان هناك رجل يستطيع ان يكتب عن تاريخ القصص البوليسية او ان يحاكي الديم اجاثا كريستي فهو هذا الرجل . الرواية تحكي قصة محررة تستلم نسخة من رواية بعنوان "جرائم العقعق" و نقرأ المسودة كاملة و هي عبارة عن جريمة تقع في احدى القرى البريطانية و لا يوجد شيء جديد في هذه الرواية فهي كأي رواية بوليسية كلاسيكية اخرى تحاكي اسلوب اجاثا كريستي الا انها ناقصة فالفصل الاخير الذي يفترض انه سيكشف هوية القاتل ناقص فهل الكاتب تعمد حذفه او أن يداً ما قامت بسرقته ؟ في القسم الثاني نتابع المحررة و هي تتقصى حقيقة سبب اختفاء الفصل الاخير من الرواية و في هذا الفصل ننتقل الى اجواء مختلفة كليا حيث نتعرف على الحياة الادبية لكتاب القصص البوليسية بل الكتاب البريطانيين بشكل عام و سنتعرف على سياسات دور النشر و ما يجري خلف الكواليس . عليه نعرف ان هذه الرواية تحكي عن صناعة الجريمة اي كيف نكتب قصة بوليسية فالبعض قد يتصور ان كتابة الامور الادبية انما هو موقوف على الموهبة الادبية و لكن الابداع الادبي مهارة كما اي مهارة اخرى يمكن اكتسابها من خلال التمرين و الممارسة و معرفة الاساسيات و الانماط التي يتبعها الخبراء في المجال.
هذا كان باختصار مسار القصة و ايجابيات الرواية كثيرة و لا يمكن التقليل من شأنها الا ان اغلب المراجعين كتبوا عن امتيازاتها و عبقرية كاتبها فبدلا من التطويل بذكر الايجابيات المعروفة و المدائح المكررة سأكتفي بذكر بعض ملاحظاتي على الرواية :
اول عيب ظاهر في هذه الرواية هو طولها الغير مبرر و هذا ما لاحظه الكثير من القراء غيري . قلنا ان الرواية في الحقيقية رواية في رواية فالاصح ان يقال انها روايتان في قالب رواية واحدة بل ان الكاتب لم يتحرج عن ترقيم صفحات كل رواية على حدة فنرى الصفحة الاخيرة من الرواية تحمل رقم 200 بينما في الحقيقة اذا جمعنا الروايتين مع بعض ستكون هذه الصفحة رقم 448 على الاقل. على كل حال تخيل ان تقرأ 219 صفحة متواصلة في رواية ثم فجأة و عندما تصل الى الذروة و تعرف ان المحقق سيكشف عن القاتل في الفصل الاخير ، يأتي كاتبنا المحترم و ينقلك الى رواية اخرى لتعود بعد 200 اخرى الى حيث انتهيت في الاولى لتعرف القاتل . هذا و قد استرسل الكاتب في الوصف الرتيب منذ بداية الرواية الاولى فهو يصف الملابس و المباني بشكل مسهب جدا مما جعلني استنتج ان للكاتب خلفية معمارية من نوع ما. هذا و استمر في الرواية الثانية يتابع احداثا ثانوية و كأنه في مهمة اختبار لصبر القارئ ! مثلا مسألة اختلاف المحررة مع زوجها القبرصي و ما تبع ذلك من احداث واقعا لا اعرف ماذا قدمت للقصة غير التطويل و تشتيت القارئ عن الحدث الرئيس؟
ثانيا شخصيا ارى ان النهاية في القسم الثاني كانت غريبة و غير مبررة و لا يحتاج الكاتب لان يعقد النهاية الى هذه الدرجة ثم يقدم تفسيرا مضحكا لها الا ان كان قصده التهكم اساسا فالقارئ اللبيب يعرف ان هناك تهكمات و سخريات كثيرة متناثرة في الرواية على صناعة الادب البوليسي و لربما تكون هذه منها.
ثالثا ما اعتبره البعض عبقرية محضة في اسقاط شخصيات الرواية الثانية على الاولى بوجهة نظري الشخصية و ان كان لفتة جيدة الا انه بعد التأمل نجد انها لم تقدم الكثير و ليست ابتكارية فماذا لو ان كاتبا استخدم شخصيات واقعه في كتابة روايته ما المميز في الموضوع ؟ قد فعل ذلك الكثير من الكتاب قبله . العبقرية كانت لتكون لو انه فعلا استطاع تفسير الجريمة الثانية بالاولى بمعنى ان القاتل في الرواية الثانية رمز للقاتل في الجريمة الاولى ، لا مجرد ذكر تشارك في اسماء و اماكن و ما الى ذلك و النهاية ماذا ؟
في النهاية رواية ممتازة و مشوقة و النسخة التي تحصلت عليها بطباعة فاخرة و هذا من متع الحياة ان تقرأ كتابا بطباعة فاخرة ! و لكن لا انصح بها لكل احد خصوصا من هم جدد على الادب البوليسي فهناك الكثير من اسماء الكتاب و الروايات و الاحداث و التواريخ التي لن تعني لهم شيئا ، فالافضل ان يبدؤوا بروايات كريستي او دويل كمدخل ثم ان اعجبهم التصنيف انتقلوا الى الاعمال الاكثر حداثة من مثل هذا العمل او "تفسير جريمة" او اعمال "صوفي هانه" و غيرها .
دمتم في الرضا ،