وداعا "جودريدز"
بسم الله الرحمن الرحيم
قبل ايام قليلة قمت بحذف حسابي في موقع جودريدز الشهير، و لمن لا يعرف هذا الموقع فهو عبارة عن شبكة تواصل اجتماعية كفيسبوك و تويتر و لكن خاص بالكتب و محبيها. هذا الموقع يعتبر اخر معقل من معاقل الشبكات الاجتماعية التي اشارك فيها ، و لكن قبل ان اذكر سبب تركي له سأشير الى بعض ايجابيات الموقع :
- الفكرة الاساسية التي يروج بها الموقع لنفسه هو انه لديه القدرة على اكتشاف رغباتك في القراءة و من ثم اقتراح المزيد من الكتب المشابهة لاهتماماتك .
- طبعا كما كل الشبكات الاجتماعية الموقع يقدم فرصة الاتصال بالاصدقاء و معرفة ما يقرأون و مشاركة ما تقرأه معهم .
- الموقع يتيح خدمات اخرى مثل وضع هدف سنوي لعدد معين من الكتب عليك ان تقرأها. كذلك يتيح القدرة على تقييم الكتب و كتابة استعراض او تقرير للكتب ..الخ.
الان بالنسبة لي كل هذه النقاط لا تطربني و اليك التفصيل :
- مسألة اقتراح الكتب بناءً على اهتماماتك نقطة جيدة في بداية الامر و لكن هذا فقط للاشخاص الذين لا يعرفون تخصصهم جيدا او للذين للتو يريدون الدخول الى عالم جديد في القراءة . مثلا لنفرض انني جديد على الادب الفارسي ، في هذه الحالة سيقترح لي الموقع اهم الكتب في هذا الباب و التي هي بمثابة اكتشاف جديد بالنسبة لي . هذا حال الانسان الجديد و لكن الانسان المطلع و الذي يعرف تخصصه جيدا - مثلا بالنسبة لي البرمجة او الادب الفارسي او التراث البوذي – فالحال مختلف و اغلب الكتب المقترحة لدي اطلاع عنها و لو مجملا . اضف الى ذلك انني لو اردت الدخول في تصنيف ليس لدي فيه الخبرة الكافية فلن اعتمد على اقتراحات عشوائية لشبكة اجتماعية و انما سأذهب الى القوائم المعدة مسبقا لاهم الكتب في هذا التخصص و التي تتواجد انصافا على الموقع نفسه و على غيره من المواقع مثل امازون . اضف الى ذلك ان مسألة الاقتراحات جيدة في بداية الامر و لكن بعد فترة تجد ان القائمة طالت و ستدرك انه لن يسعك الوقت لقراءة و لو جزء من كل هذه العناوين المكدسة.
- الخصائص الاجتماعية للموقع هي من الاسباب التي تجعلني اترك هذا الموقع كما تركت الشبكات الاخرى قبله . لم استطع يوما تقبل فكرة المشاركة من اجل المشاركة المبدأ الذي تقوم عليه كل شبكات التواصل الاجتماعي . شخصيا ارى ان بعض الامور يجب ان تبقى خاصة و لا اعرف سبب اهتمام الناس في مشاركة كل ما يعملونه مع اصدقائهم . القراءة مثلا من الامور التي اجدها شخصية و لا داعي لمشاركة كل كتاب اقراه مع الناس ، الامر الذي يشجع عليه هذا الموقع لدرجة انه يضع خيار وضع رقم الصفحة التي وصلت اليها في القراءة !
المشكلة الاساسية في العامل الاجتماعي انه يعكر صفو القراءة الخاصة فبدلا من ان تقرأ لنفسك تقرأ لغيرك ، فعندما تريد فتح الكتاب تجد انك لا اراديا تفكر في كيفية مشاركة هذا الكتاب مع الغير . حقيقة لا اعلم هل الموقع فعلا استطاع ان يحبب القراءة او ان المسألة اصبحت فقط مسألة مباهاة بعدد الكتب . طبعا لا استطيع الحكم و لا من شأني الحكم و لكن من يرى عدد الكتب المقروءة عند اعضاء هذا الموقع و التي تصل الى المئات لا بد ان يتساءل عن مصداقية و واقعية هذه الارقام . من يعرفني عن قرب يعلم انني اقرا بنهم و قد تكدست لدي الكثير من الكتب التي قرأتها طوال هذه السنوات و لكن عندما نقارن بين حصيلتي و حصيلة اغلب اعضاء هذا الموقع تجد انني صفر على الشمال. لا ادري هل فعلا يسعهم الوقت لمطالعة عشرات الكتب كل شهر ام انهم فقط يتصفحون الكتب ام ماذا ؟ لست ادري .
على كل حال ذكرت سابقا انني لست من انصار فكرة القراءة من اجل القراءة ! و قد ذكرت تفاصيل فلسفتي تجاه القراءة في مقالة بعنوان " اقرا اقل " فليراجعها من شاء .
ختاما اشير الى نقطة تذكر لي في المقام الا و هي ان هذه المواقع و الشبكات تساعد على اظهار نتاجي من كتابات و غيره الى العالم . انصافا نعم هذه المواقع تساعد على ايصال كتاباتي الى اكبر قدر ممكن من القراء و قد كانت الزيارات الى مقالاتي اكثر بكثير عندما كنت اشارك في وردبريس ، يوتيوب ، فيسبوك ، تويتر ...الخ . هذه الايام موقعي يحظى بزيارات اقل بكثير ، و لكن هذه مشكلة فقط في حال لو انني كنت اريد فعلا الظهور و ان يعرف نتاجي و لكن بالنسبة لي لا اهتم بالظهور و لا ان يعرف نتاجي ! منذ البداية لم اكن احب الترويج لنتاجي و الاعلان في مختلف المحافل عن موقعي حتى عند اقرب اقاربي و اصدقائي و ذلك لسببين :
1- انني لا اجد في نتاجي ما يدعو الى الاعلان عنه و الترويج له . نعم ، انا افتخر بكتاباتي و ما انتجه يراعي و لم اكن لاكتب شيئا و انا اعلم ان لا فائدة منه و لكن في نفس الوقت لا اجد ان من لم يقرأه خسر الكثير فهناك الكثير من الكتاب و المفكرين ممن هم افضل مني و كتاباتهم الى الان مجهولة عند عامة الناس فافضل ان يقضي الناس اوقاتهم في قراءة اعمال اولئك بدلا من كتاباتي.
2- انني اكتب و في غالب الامر اخاطب نفسي و اتخذ من الكتابة وسيلة لتنظيم افكاري تجاه موضوع ما و من ثم توثيق رؤيتي للرجوع اليها فيما بعد ، و من النادر جدا ان اكتب و المخاطب شخص غيري. فاذا كانت الكتابة لي ابتداءً فما الحاجة في ان اروج لها او ان اشاركها مع اكبر قدر ممكن من القراء؟
دمتم في القراءة ،
قبل ايام قليلة قمت بحذف حسابي في موقع جودريدز الشهير، و لمن لا يعرف هذا الموقع فهو عبارة عن شبكة تواصل اجتماعية كفيسبوك و تويتر و لكن خاص بالكتب و محبيها. هذا الموقع يعتبر اخر معقل من معاقل الشبكات الاجتماعية التي اشارك فيها ، و لكن قبل ان اذكر سبب تركي له سأشير الى بعض ايجابيات الموقع :
- الفكرة الاساسية التي يروج بها الموقع لنفسه هو انه لديه القدرة على اكتشاف رغباتك في القراءة و من ثم اقتراح المزيد من الكتب المشابهة لاهتماماتك .
- طبعا كما كل الشبكات الاجتماعية الموقع يقدم فرصة الاتصال بالاصدقاء و معرفة ما يقرأون و مشاركة ما تقرأه معهم .
- الموقع يتيح خدمات اخرى مثل وضع هدف سنوي لعدد معين من الكتب عليك ان تقرأها. كذلك يتيح القدرة على تقييم الكتب و كتابة استعراض او تقرير للكتب ..الخ.
الان بالنسبة لي كل هذه النقاط لا تطربني و اليك التفصيل :
- مسألة اقتراح الكتب بناءً على اهتماماتك نقطة جيدة في بداية الامر و لكن هذا فقط للاشخاص الذين لا يعرفون تخصصهم جيدا او للذين للتو يريدون الدخول الى عالم جديد في القراءة . مثلا لنفرض انني جديد على الادب الفارسي ، في هذه الحالة سيقترح لي الموقع اهم الكتب في هذا الباب و التي هي بمثابة اكتشاف جديد بالنسبة لي . هذا حال الانسان الجديد و لكن الانسان المطلع و الذي يعرف تخصصه جيدا - مثلا بالنسبة لي البرمجة او الادب الفارسي او التراث البوذي – فالحال مختلف و اغلب الكتب المقترحة لدي اطلاع عنها و لو مجملا . اضف الى ذلك انني لو اردت الدخول في تصنيف ليس لدي فيه الخبرة الكافية فلن اعتمد على اقتراحات عشوائية لشبكة اجتماعية و انما سأذهب الى القوائم المعدة مسبقا لاهم الكتب في هذا التخصص و التي تتواجد انصافا على الموقع نفسه و على غيره من المواقع مثل امازون . اضف الى ذلك ان مسألة الاقتراحات جيدة في بداية الامر و لكن بعد فترة تجد ان القائمة طالت و ستدرك انه لن يسعك الوقت لقراءة و لو جزء من كل هذه العناوين المكدسة.
- الخصائص الاجتماعية للموقع هي من الاسباب التي تجعلني اترك هذا الموقع كما تركت الشبكات الاخرى قبله . لم استطع يوما تقبل فكرة المشاركة من اجل المشاركة المبدأ الذي تقوم عليه كل شبكات التواصل الاجتماعي . شخصيا ارى ان بعض الامور يجب ان تبقى خاصة و لا اعرف سبب اهتمام الناس في مشاركة كل ما يعملونه مع اصدقائهم . القراءة مثلا من الامور التي اجدها شخصية و لا داعي لمشاركة كل كتاب اقراه مع الناس ، الامر الذي يشجع عليه هذا الموقع لدرجة انه يضع خيار وضع رقم الصفحة التي وصلت اليها في القراءة !
المشكلة الاساسية في العامل الاجتماعي انه يعكر صفو القراءة الخاصة فبدلا من ان تقرأ لنفسك تقرأ لغيرك ، فعندما تريد فتح الكتاب تجد انك لا اراديا تفكر في كيفية مشاركة هذا الكتاب مع الغير . حقيقة لا اعلم هل الموقع فعلا استطاع ان يحبب القراءة او ان المسألة اصبحت فقط مسألة مباهاة بعدد الكتب . طبعا لا استطيع الحكم و لا من شأني الحكم و لكن من يرى عدد الكتب المقروءة عند اعضاء هذا الموقع و التي تصل الى المئات لا بد ان يتساءل عن مصداقية و واقعية هذه الارقام . من يعرفني عن قرب يعلم انني اقرا بنهم و قد تكدست لدي الكثير من الكتب التي قرأتها طوال هذه السنوات و لكن عندما نقارن بين حصيلتي و حصيلة اغلب اعضاء هذا الموقع تجد انني صفر على الشمال. لا ادري هل فعلا يسعهم الوقت لمطالعة عشرات الكتب كل شهر ام انهم فقط يتصفحون الكتب ام ماذا ؟ لست ادري .
على كل حال ذكرت سابقا انني لست من انصار فكرة القراءة من اجل القراءة ! و قد ذكرت تفاصيل فلسفتي تجاه القراءة في مقالة بعنوان " اقرا اقل " فليراجعها من شاء .
ختاما اشير الى نقطة تذكر لي في المقام الا و هي ان هذه المواقع و الشبكات تساعد على اظهار نتاجي من كتابات و غيره الى العالم . انصافا نعم هذه المواقع تساعد على ايصال كتاباتي الى اكبر قدر ممكن من القراء و قد كانت الزيارات الى مقالاتي اكثر بكثير عندما كنت اشارك في وردبريس ، يوتيوب ، فيسبوك ، تويتر ...الخ . هذه الايام موقعي يحظى بزيارات اقل بكثير ، و لكن هذه مشكلة فقط في حال لو انني كنت اريد فعلا الظهور و ان يعرف نتاجي و لكن بالنسبة لي لا اهتم بالظهور و لا ان يعرف نتاجي ! منذ البداية لم اكن احب الترويج لنتاجي و الاعلان في مختلف المحافل عن موقعي حتى عند اقرب اقاربي و اصدقائي و ذلك لسببين :
1- انني لا اجد في نتاجي ما يدعو الى الاعلان عنه و الترويج له . نعم ، انا افتخر بكتاباتي و ما انتجه يراعي و لم اكن لاكتب شيئا و انا اعلم ان لا فائدة منه و لكن في نفس الوقت لا اجد ان من لم يقرأه خسر الكثير فهناك الكثير من الكتاب و المفكرين ممن هم افضل مني و كتاباتهم الى الان مجهولة عند عامة الناس فافضل ان يقضي الناس اوقاتهم في قراءة اعمال اولئك بدلا من كتاباتي.
2- انني اكتب و في غالب الامر اخاطب نفسي و اتخذ من الكتابة وسيلة لتنظيم افكاري تجاه موضوع ما و من ثم توثيق رؤيتي للرجوع اليها فيما بعد ، و من النادر جدا ان اكتب و المخاطب شخص غيري. فاذا كانت الكتابة لي ابتداءً فما الحاجة في ان اروج لها او ان اشاركها مع اكبر قدر ممكن من القراء؟
دمتم في القراءة ،