شهريار الشاعر و العاشق
بسم الله الرحمن الرحيم
في الفترة الاخيرة كنت مندمجا بعض الشيء في قراءاتي للشاعر الايراني شهريار فتنقلت بين صفحات ديوانه الكبير و كل قصيدة تحكي عن ذكرى معينة و كأن الديوان اشبه بيوميات انسان شاعر فلا يوجد هنا كثير من التكلف في قصائد سياسية او مدحية او فخرية كما نألفها في كل دواوين شعرائنا بل كل ما يوجد هنا مشاعر متباينة من الفرح الى الحزن الى الشوق الى الحيرة الى الزهد الى الطفولة الى …
محمد حسين بهجت التبريزي ولد في تبريز حيث قضى طفولته في هدوء و سكينة القرية . بدأ الشعر و هو صغير و يذكر في سبب تخلصه الى اسم شهريار انه اخذ فألا بديوان حافظ الشيرازي فخرج له البيت التالي :
كه جرخ سكه به نام شهرياران زد
روم به شهر خود و "شهريار" خود باشم
ثم هاجر الى طهران لدراسة الطب و بعد ان اكمل سبع سنوات و بقي فقط ثلاثة شهور على تخرجه ترك الطب بعد محاولات فاشلة من اهله لاقناعه بالبقاء ، ادت هذه الحادثة الى قطع مكافاة شهريار من ابيه ليعيش حياة فقر صعبة جدا .
حياة شهريار مليئة بالذكريات الحزينة من موت اعز اصدقائه و موت حبيبته و ايضا والده و موت اخيه و قيامه بتربية عيال اخيه و الاعتناء بهم … و لكن اشد مصيبة عليه هي فقده لاخر اهله (( والدته )) و هي اخر من بقي من اهله حيث رثاها باحر القصائد ، قصائد كانها قصة يتم طفل صغير يبكي لفراق امه و لم يستوعب بعد مسألة الموت :
تنها شدي بســــــــــــر !.. --- " بقيت وحيدا ايها الولد "
تتميز اشعار شهريار بالسهولة و البساطة و العمق التصويري فعندما تقرا اشعاره في الطبيعة تظن انك تشاهد احدى لوحات الفنان مانيه.
و قد قرات له احدى القصائد في وصف قريته في تبريز فكانت كل كلمتين تصف شيئا مختلفا حتى تكونت لدي بسرعة لوحة متكاملة في عدد ابيات قليلة و وصف دقيق و سريع و بحق كانت من افضل المقطوعات الشعرية التي قراتها حتى الان .
شهريار لا يشعر الا اذا اتاه الشعر و جادت عليه القريحة فلا يتكلف الشعر تكلفا فنراه يبقى اياما كثيرة بدون ان ينشد بيتا واحدا و نراه في غيرها يكتب قصيدة " ايوان جمشيد " في اربعمائة بيت خلال جلستين فقط .
و اما عن حاله في كتابة الشعر فهو نوعا ما يذكرني بالشاعر الاموي جرير حيث يقول احد اصدقائه دخلت عليه الغرفة خلسة ذات مرة فاذا بشهريار مغمض العينين واضع يديه على راسه بوضع قلق و اذا هو يتوسل بامامه علي عليه السلام … يقول صاحبه فدفعته و قلت له ما بك في هذه الحالة ؟ فتنفس شهريار نفسا عميقا ثم قال : لقد انجيتني من الغرق …! و كانت نتيجة هذه الجلسة ابيات سمفونية البحر من مجموعة اسطورة الليل .
اهم قصائده التي تحكي احواله في العشق :
" القمر المسافر ، فراشة في النار ، رائحة القميص ، غروب نيشابور ، حسرة الهزيمة ."
و اما اهم قصائده الصوفية :
" انتظار ، جمع و تفريق ، يوسف الضائع، مسافر همدان ، دموع مريم "
و اما اهم قصائده الرومانسية :
" بائع الجوهر ، حيدر بابا ، الهزائم ، انين الروح ، زفاف شاعر "
و اما اروع قصائده برأيي :
علي اي هماي رحمت تو جه ايتي خدارا
" علي يا ملاك الرحمة أي آية لله انت ؟ "
و لهذه القصيدة قصة مشهورة تنقل عن السيد المرعشي اذ كان يقول انه توسل في احد الايام لكي يرى احد الاولياء في المنام فرأى في المنام انه جالس في احدى زوايا مسجد الكوفة حيث كان في المسجد امير المؤمنين عليه السلام و مجموعة من الاشخاص. ثم نادى الامير باحضار شعراء اهل البيت عليهم السلام فأحضر له مجموعة من الشعراء العرب ثم نادى باحضار الشعراء الفرس ايضا . يقول فرأيت مجموعة من الشعراء الفرس منهم الشاعر المعروف محتشم كاشاني.
ثم سأل الامير : اين شهريارنا ؟ فجاء شهريار.
فقال عليه السلام : انشد شعرك .
فقرا شهريار القصيدة . ثم قال المرعشي عندما انتهى شهريار من الانشاد استيقظت من النوم. في اليوم التالي سألت عن هذا الشاعر لانني لم اكن اعرف شاعرا بهذا الاسم . فأخبرت انه شاعر يعيش في مدينة تبريز . فطلبت منهم احضاره لي الى مدينة قم المقدسة. بعد عدة ايام جاء شهريار الى قم و كان هو الشخص الذي رايته في المنام فسالته من صاحب القصيدة "علي اي هماي رحمت ؟" فتعجب شهريار و قال من اين عرفت هذه القصيدة ؟ فانني لم اخبر بها احدا ابدا. فاخبره المرعشي بخبر الرؤيا ، فتأثر شهريار تأثرا عميقا ثم بعد مقارنة وقت الرؤيا تبين انه الوقت الذي انتهى فيه شهريار من كتابة القصيدة .
دمتم في الرضا ،
في الفترة الاخيرة كنت مندمجا بعض الشيء في قراءاتي للشاعر الايراني شهريار فتنقلت بين صفحات ديوانه الكبير و كل قصيدة تحكي عن ذكرى معينة و كأن الديوان اشبه بيوميات انسان شاعر فلا يوجد هنا كثير من التكلف في قصائد سياسية او مدحية او فخرية كما نألفها في كل دواوين شعرائنا بل كل ما يوجد هنا مشاعر متباينة من الفرح الى الحزن الى الشوق الى الحيرة الى الزهد الى الطفولة الى …
محمد حسين بهجت التبريزي ولد في تبريز حيث قضى طفولته في هدوء و سكينة القرية . بدأ الشعر و هو صغير و يذكر في سبب تخلصه الى اسم شهريار انه اخذ فألا بديوان حافظ الشيرازي فخرج له البيت التالي :
كه جرخ سكه به نام شهرياران زد
روم به شهر خود و "شهريار" خود باشم
ثم هاجر الى طهران لدراسة الطب و بعد ان اكمل سبع سنوات و بقي فقط ثلاثة شهور على تخرجه ترك الطب بعد محاولات فاشلة من اهله لاقناعه بالبقاء ، ادت هذه الحادثة الى قطع مكافاة شهريار من ابيه ليعيش حياة فقر صعبة جدا .
حياة شهريار مليئة بالذكريات الحزينة من موت اعز اصدقائه و موت حبيبته و ايضا والده و موت اخيه و قيامه بتربية عيال اخيه و الاعتناء بهم … و لكن اشد مصيبة عليه هي فقده لاخر اهله (( والدته )) و هي اخر من بقي من اهله حيث رثاها باحر القصائد ، قصائد كانها قصة يتم طفل صغير يبكي لفراق امه و لم يستوعب بعد مسألة الموت :
تنها شدي بســــــــــــر !.. --- " بقيت وحيدا ايها الولد "
تتميز اشعار شهريار بالسهولة و البساطة و العمق التصويري فعندما تقرا اشعاره في الطبيعة تظن انك تشاهد احدى لوحات الفنان مانيه.
و قد قرات له احدى القصائد في وصف قريته في تبريز فكانت كل كلمتين تصف شيئا مختلفا حتى تكونت لدي بسرعة لوحة متكاملة في عدد ابيات قليلة و وصف دقيق و سريع و بحق كانت من افضل المقطوعات الشعرية التي قراتها حتى الان .
شهريار لا يشعر الا اذا اتاه الشعر و جادت عليه القريحة فلا يتكلف الشعر تكلفا فنراه يبقى اياما كثيرة بدون ان ينشد بيتا واحدا و نراه في غيرها يكتب قصيدة " ايوان جمشيد " في اربعمائة بيت خلال جلستين فقط .
و اما عن حاله في كتابة الشعر فهو نوعا ما يذكرني بالشاعر الاموي جرير حيث يقول احد اصدقائه دخلت عليه الغرفة خلسة ذات مرة فاذا بشهريار مغمض العينين واضع يديه على راسه بوضع قلق و اذا هو يتوسل بامامه علي عليه السلام … يقول صاحبه فدفعته و قلت له ما بك في هذه الحالة ؟ فتنفس شهريار نفسا عميقا ثم قال : لقد انجيتني من الغرق …! و كانت نتيجة هذه الجلسة ابيات سمفونية البحر من مجموعة اسطورة الليل .
اهم قصائده التي تحكي احواله في العشق :
" القمر المسافر ، فراشة في النار ، رائحة القميص ، غروب نيشابور ، حسرة الهزيمة ."
و اما اهم قصائده الصوفية :
" انتظار ، جمع و تفريق ، يوسف الضائع، مسافر همدان ، دموع مريم "
و اما اهم قصائده الرومانسية :
" بائع الجوهر ، حيدر بابا ، الهزائم ، انين الروح ، زفاف شاعر "
و اما اروع قصائده برأيي :
علي اي هماي رحمت تو جه ايتي خدارا
" علي يا ملاك الرحمة أي آية لله انت ؟ "
و لهذه القصيدة قصة مشهورة تنقل عن السيد المرعشي اذ كان يقول انه توسل في احد الايام لكي يرى احد الاولياء في المنام فرأى في المنام انه جالس في احدى زوايا مسجد الكوفة حيث كان في المسجد امير المؤمنين عليه السلام و مجموعة من الاشخاص. ثم نادى الامير باحضار شعراء اهل البيت عليهم السلام فأحضر له مجموعة من الشعراء العرب ثم نادى باحضار الشعراء الفرس ايضا . يقول فرأيت مجموعة من الشعراء الفرس منهم الشاعر المعروف محتشم كاشاني.
ثم سأل الامير : اين شهريارنا ؟ فجاء شهريار.
فقال عليه السلام : انشد شعرك .
فقرا شهريار القصيدة . ثم قال المرعشي عندما انتهى شهريار من الانشاد استيقظت من النوم. في اليوم التالي سألت عن هذا الشاعر لانني لم اكن اعرف شاعرا بهذا الاسم . فأخبرت انه شاعر يعيش في مدينة تبريز . فطلبت منهم احضاره لي الى مدينة قم المقدسة. بعد عدة ايام جاء شهريار الى قم و كان هو الشخص الذي رايته في المنام فسالته من صاحب القصيدة "علي اي هماي رحمت ؟" فتعجب شهريار و قال من اين عرفت هذه القصيدة ؟ فانني لم اخبر بها احدا ابدا. فاخبره المرعشي بخبر الرؤيا ، فتأثر شهريار تأثرا عميقا ثم بعد مقارنة وقت الرؤيا تبين انه الوقت الذي انتهى فيه شهريار من كتابة القصيدة .
دمتم في الرضا ،