اختيار الرضا عليه السلام من الشعر الفارسي
بسم الله الرحمن الرحيم
من المسلمات عندنا ان الائمة عليهم السلام احياء عند ربهم يرزقون و انهم يسمعون الكلام و يردون السلام . و نعلم ان كل امام من الائمة تميز بخصلة او خصال معينة عرف بها فمثلا الكاظم عليه السلام لكثرة كظم الغيظ و امير المؤمنين عليه السلام يعرف بالشجاعة ...الخ و طبعا هذا لا يعني ان تميز خصلة معينة عند احدهم بمثابة سلبها من غيره او انها موجودة و لكن بدرجة ادنى انما الظروف تتطلب ان تبرز خصلة معينة في زمن معين بشكل متكرر او اكثر وضوحا. و من الخصال التي اختص بها الامام الرضا عليه السلام هي مسألة سرعة الجواب و قصصها كثيرة و لكن في هذه العجالة اخترت ثلاث قصص اجاب فيها الامام سائله ببيت شعري فارسي. و يظهر لي ان الامام عليه السلام لديه نوع من الاهتمام بالشعر فكلنا نعرف انه عليه السلام اضاف بيتين الى قصيدة دعبل فقال عليه السلام :
و قبر بطوس يا لها من مصيبة .. توقد بالاحشاء في الحرقات
الى الحشر حتى يبعث الله قائما .. يفرج عنا الهم و الكربات
و نبدأ بحكاية يحكيها الشيخ حق شناس - و التسجيل المصور موجود على الشبكة - فيقول انه في احد زياراته الى مشهد المقدسة و بعد الانتهاء من الزيارة و الوقوف للوداع سأل المولى ان لا يخرج بدون بشارة . يقول ما ان ادرت عيني الا و سمعت مناديا يقول :
رو آر سوي ما كه به سوي تو رو كنيم
وز غير ما به سوي تو رو آورد بلا
" توجه شطرنا لنقبل عليك فإن تقبل على غيرنا يقبل عليك البلاء "
يقول الشيخ ان هذا البيت اصبح شعارا له في حياته ، و الشيخ حق شناس من العلماء المشهورين و هو احد تلامذة المرجع الكبير السيد البروجوردي . و يعتبر الشيخ رحمه الله من اساتذة الاخلاق و العلماء المجتهدين بشهادة امثال السيد الخوئي. في هذا البيت نرى اقبالا من ثلاثة اوجه : وجه المخاطب ، وجه اهل البيت عليهم السلام و وجه البلاء . فإذا اقبل العبد على مواليه أقبلوا عليه و ان أقبل على غيرهم أقبل عليه البلاء . و البلاء هنا الاغلب بقصد ارجاع العبد الى مواليه ليس الا . فعن ابي جعفر عليه السلام " ... فليذهب الناس حيث شاؤوا، فوالله ليس الامر إلا من ههنا، وأشار بيده إلى بيته " .
و يحكى عن الميرزا حسن الطبيب انه عندما عزم على زيارة ثامن الحجج عليه السلام ذهب اولا لوداع المرحوم حجي اشرفي و يعتبر هذا الشخص من زهاد زمانه و من الذين تربطهم علاقة خاصة بأهل بيت العصمة عليهم السلام . يقول ميرزا حسن ان المرحوم اشرفي اعطاني ورقة و قال تعطيها للامام الرضا عليه السلام و تأتيني بالجواب . و قد اثار هذا الطلب الغريب تعجب الميرزا حسن فكيف يعطي الامام عليه السلام و هو ميت و كيف يستلم منه جوابا ؟ و عندما وصلوا الى مشهد المشرفة وضع الورقة في ضريح الامام عليه السلام و مضت الايام فنسي موضوع الورقة . بعد انتهاء الزيارة التي امتدت لشهور يقول ذهبت لزيارة الوداع و بعد اداء صلاتي المغرب و العشاء سمعت الخدام يخرجون الزوار لتنظيف الحضرة و لكني بقيت لاتمام اعمالي . يقول بعد الانتهاء التفت فلم ار غيري في الحضرة ثم جاء رجل يمشي من جهة الرأس يشع منه النور و عندما انتهى الي قال : حاج ميرزا حسن عندما تصل الى بهشهر اوصل سلامي الى حجي اشرفي و قل له :
آئینه شو وصال پری طلعتان طلب
جاروب کن تو خانه سپس مهمان طلب
" كن مرآة و اطلب وصال ملائكي الطلعة ،، اكنس البيت ثم اطلب الضيف "
يقول بعدها اختفى من امامي و عادت الحضرة الى وضعها الطبيعي . و عندما رجع الى بهشهر انطلق مسرعا الى بيت الحجي اشرفي و بعد ان قرع الباب سمع صوت الحجي من وسط الدار يقول رجعت يا ميزرا حسن تقبل الله منكم ! ثم تمثل ببيت الشعر السالف .
أقول هذا البيت الشعري للشاعر الفارسي المعروف صائب التبريزي و هو مطلع لغزل من تسعة ابيات . و قد تصرفت في الترجمة قليلا فكلمة پری في الاصل تستخدم بمعنى الجن و لكن في الشعر الحديث تراد مجازا للمرأة الحسناء لان الكلمة ايضا كانت تستخدم لوصف امراة حسناء اسطورية لها اجنحة مثل الملائكة . و ان شئت المعنى الحرفي فقل مخلوق اسطوري محجوب عن البشر مادته من النار لكنه ليس بشيطان و انما يغلب عليه الخير . يتضح من كل هذا لماذا اخترت كلمة ملائكة لتقريب المعنى و لان المقصد هو التشبيه بحسن الطلعة . على كل حال صائب التبريزي شاعر صوفي خالص و المراد من البيت هو ان المرآة تحتاج الى صقل شديد و تنظيف مستمر لتتخلص من الكدورات و الاوساخ فتصبح صالحة لان تنطبع فيها صور اصحاب الوجوه الجميلة . على هذا من يريد ان يأتيه ضيف عظيم الشأن من عالم او أمير فعليه ان يكنس البيت و ينظفه لكي يكون لائقا لحضور اصحاب السمو و الشأن . و هذا كله مثال للقلب فلكي يكون صالحا لان تتجلى فيه انوار القدس يجب ان يكون طاهرا نقيا و لا يكون ذلك الا بالمجاهدة المستمرة. و اما ان الحجي اشرفي كان يعلم بجواب الامام عليه السلام فهذا يدل على ان المخاطب في الحقيقة ليس هو الحجي اشرفي و انما الميرزا حسن نفسه فالمقصد من القصة كلها هو تعليم و تثبيت الميرزا حسن بدلالة الشك الذي اعتراه في حق استاذه .
و الان نعود الى الشيخ حق شناس فقد حكى عن احدهم انه كان يتصور لنفسه مقاما معنويا جيدا فأراد ان يعرف منزلته المعنوية فقصد ثامن الحجج عليه السلام للسؤال. و عندما وصل الحضرة و عرض حاجته على الامام عليه السلام جاءه الجواب مباشرة فسمع صوتا يقول :
هستى اسير جاه طبيعت جكونه باز
مقام و قرب موسي عمرانت ارزوست
" لا زلت اسيرا في بئر الطبيعة فكيف مرة اخرى ،،،، تتمنى مقام و قرب موسى بن عمران ؟ "
لم اجد هذا البيت بهذا الشكل و انما اقرب ما له بيت شعر من قصيدة لسعدي يرد بها على قصيدة لمولوي فيقول من ضمن الابيات :
فرعون وار لاف انا الحق همي زني
وآنگاه قرب موسي عمرانت آرزوست
" مثل فرعون تتشدق بأنك الحق ... ثم ترجو قرب موسى بن عمران ؟ "
على كل حال هذا البيت كمثل يضرب لمن يرجو امرا عظيما من دون ان يتحصل على مقدماته و يرفع موانعه ، فالانسان بطبيعته سريعا ما يغرق في بحر الامنيات و الحال انه لا زال اسيرا في بئر الطبيعة ( الشهوات النفسانية و القوى الحيوانية ) و من هذا حاله كيف يرجو وصول شأو الاولياء ؟
و في هذه القصة نرى الامام عليه السلام بصورة ربما لم نعتدها فهو الامام الرؤوف و لكن هنا نراه يصدم السائل و ما ذلك الا لكي يرجعه الى الواقع :
و ما نيل المطالب بالتمني ... و لكن تؤخذ الدنيا غلابا
دمتم في الرضا ،،،
من المسلمات عندنا ان الائمة عليهم السلام احياء عند ربهم يرزقون و انهم يسمعون الكلام و يردون السلام . و نعلم ان كل امام من الائمة تميز بخصلة او خصال معينة عرف بها فمثلا الكاظم عليه السلام لكثرة كظم الغيظ و امير المؤمنين عليه السلام يعرف بالشجاعة ...الخ و طبعا هذا لا يعني ان تميز خصلة معينة عند احدهم بمثابة سلبها من غيره او انها موجودة و لكن بدرجة ادنى انما الظروف تتطلب ان تبرز خصلة معينة في زمن معين بشكل متكرر او اكثر وضوحا. و من الخصال التي اختص بها الامام الرضا عليه السلام هي مسألة سرعة الجواب و قصصها كثيرة و لكن في هذه العجالة اخترت ثلاث قصص اجاب فيها الامام سائله ببيت شعري فارسي. و يظهر لي ان الامام عليه السلام لديه نوع من الاهتمام بالشعر فكلنا نعرف انه عليه السلام اضاف بيتين الى قصيدة دعبل فقال عليه السلام :
و قبر بطوس يا لها من مصيبة .. توقد بالاحشاء في الحرقات
الى الحشر حتى يبعث الله قائما .. يفرج عنا الهم و الكربات
و نبدأ بحكاية يحكيها الشيخ حق شناس - و التسجيل المصور موجود على الشبكة - فيقول انه في احد زياراته الى مشهد المقدسة و بعد الانتهاء من الزيارة و الوقوف للوداع سأل المولى ان لا يخرج بدون بشارة . يقول ما ان ادرت عيني الا و سمعت مناديا يقول :
رو آر سوي ما كه به سوي تو رو كنيم
وز غير ما به سوي تو رو آورد بلا
" توجه شطرنا لنقبل عليك فإن تقبل على غيرنا يقبل عليك البلاء "
يقول الشيخ ان هذا البيت اصبح شعارا له في حياته ، و الشيخ حق شناس من العلماء المشهورين و هو احد تلامذة المرجع الكبير السيد البروجوردي . و يعتبر الشيخ رحمه الله من اساتذة الاخلاق و العلماء المجتهدين بشهادة امثال السيد الخوئي. في هذا البيت نرى اقبالا من ثلاثة اوجه : وجه المخاطب ، وجه اهل البيت عليهم السلام و وجه البلاء . فإذا اقبل العبد على مواليه أقبلوا عليه و ان أقبل على غيرهم أقبل عليه البلاء . و البلاء هنا الاغلب بقصد ارجاع العبد الى مواليه ليس الا . فعن ابي جعفر عليه السلام " ... فليذهب الناس حيث شاؤوا، فوالله ليس الامر إلا من ههنا، وأشار بيده إلى بيته " .
و يحكى عن الميرزا حسن الطبيب انه عندما عزم على زيارة ثامن الحجج عليه السلام ذهب اولا لوداع المرحوم حجي اشرفي و يعتبر هذا الشخص من زهاد زمانه و من الذين تربطهم علاقة خاصة بأهل بيت العصمة عليهم السلام . يقول ميرزا حسن ان المرحوم اشرفي اعطاني ورقة و قال تعطيها للامام الرضا عليه السلام و تأتيني بالجواب . و قد اثار هذا الطلب الغريب تعجب الميرزا حسن فكيف يعطي الامام عليه السلام و هو ميت و كيف يستلم منه جوابا ؟ و عندما وصلوا الى مشهد المشرفة وضع الورقة في ضريح الامام عليه السلام و مضت الايام فنسي موضوع الورقة . بعد انتهاء الزيارة التي امتدت لشهور يقول ذهبت لزيارة الوداع و بعد اداء صلاتي المغرب و العشاء سمعت الخدام يخرجون الزوار لتنظيف الحضرة و لكني بقيت لاتمام اعمالي . يقول بعد الانتهاء التفت فلم ار غيري في الحضرة ثم جاء رجل يمشي من جهة الرأس يشع منه النور و عندما انتهى الي قال : حاج ميرزا حسن عندما تصل الى بهشهر اوصل سلامي الى حجي اشرفي و قل له :
آئینه شو وصال پری طلعتان طلب
جاروب کن تو خانه سپس مهمان طلب
" كن مرآة و اطلب وصال ملائكي الطلعة ،، اكنس البيت ثم اطلب الضيف "
يقول بعدها اختفى من امامي و عادت الحضرة الى وضعها الطبيعي . و عندما رجع الى بهشهر انطلق مسرعا الى بيت الحجي اشرفي و بعد ان قرع الباب سمع صوت الحجي من وسط الدار يقول رجعت يا ميزرا حسن تقبل الله منكم ! ثم تمثل ببيت الشعر السالف .
أقول هذا البيت الشعري للشاعر الفارسي المعروف صائب التبريزي و هو مطلع لغزل من تسعة ابيات . و قد تصرفت في الترجمة قليلا فكلمة پری في الاصل تستخدم بمعنى الجن و لكن في الشعر الحديث تراد مجازا للمرأة الحسناء لان الكلمة ايضا كانت تستخدم لوصف امراة حسناء اسطورية لها اجنحة مثل الملائكة . و ان شئت المعنى الحرفي فقل مخلوق اسطوري محجوب عن البشر مادته من النار لكنه ليس بشيطان و انما يغلب عليه الخير . يتضح من كل هذا لماذا اخترت كلمة ملائكة لتقريب المعنى و لان المقصد هو التشبيه بحسن الطلعة . على كل حال صائب التبريزي شاعر صوفي خالص و المراد من البيت هو ان المرآة تحتاج الى صقل شديد و تنظيف مستمر لتتخلص من الكدورات و الاوساخ فتصبح صالحة لان تنطبع فيها صور اصحاب الوجوه الجميلة . على هذا من يريد ان يأتيه ضيف عظيم الشأن من عالم او أمير فعليه ان يكنس البيت و ينظفه لكي يكون لائقا لحضور اصحاب السمو و الشأن . و هذا كله مثال للقلب فلكي يكون صالحا لان تتجلى فيه انوار القدس يجب ان يكون طاهرا نقيا و لا يكون ذلك الا بالمجاهدة المستمرة. و اما ان الحجي اشرفي كان يعلم بجواب الامام عليه السلام فهذا يدل على ان المخاطب في الحقيقة ليس هو الحجي اشرفي و انما الميرزا حسن نفسه فالمقصد من القصة كلها هو تعليم و تثبيت الميرزا حسن بدلالة الشك الذي اعتراه في حق استاذه .
و الان نعود الى الشيخ حق شناس فقد حكى عن احدهم انه كان يتصور لنفسه مقاما معنويا جيدا فأراد ان يعرف منزلته المعنوية فقصد ثامن الحجج عليه السلام للسؤال. و عندما وصل الحضرة و عرض حاجته على الامام عليه السلام جاءه الجواب مباشرة فسمع صوتا يقول :
هستى اسير جاه طبيعت جكونه باز
مقام و قرب موسي عمرانت ارزوست
" لا زلت اسيرا في بئر الطبيعة فكيف مرة اخرى ،،،، تتمنى مقام و قرب موسى بن عمران ؟ "
لم اجد هذا البيت بهذا الشكل و انما اقرب ما له بيت شعر من قصيدة لسعدي يرد بها على قصيدة لمولوي فيقول من ضمن الابيات :
فرعون وار لاف انا الحق همي زني
وآنگاه قرب موسي عمرانت آرزوست
" مثل فرعون تتشدق بأنك الحق ... ثم ترجو قرب موسى بن عمران ؟ "
على كل حال هذا البيت كمثل يضرب لمن يرجو امرا عظيما من دون ان يتحصل على مقدماته و يرفع موانعه ، فالانسان بطبيعته سريعا ما يغرق في بحر الامنيات و الحال انه لا زال اسيرا في بئر الطبيعة ( الشهوات النفسانية و القوى الحيوانية ) و من هذا حاله كيف يرجو وصول شأو الاولياء ؟
و في هذه القصة نرى الامام عليه السلام بصورة ربما لم نعتدها فهو الامام الرؤوف و لكن هنا نراه يصدم السائل و ما ذلك الا لكي يرجعه الى الواقع :
و ما نيل المطالب بالتمني ... و لكن تؤخذ الدنيا غلابا
دمتم في الرضا ،،،