رسالة "سي اس لويس" لأحد معجبيه
بسم الله الرحمن الرحيم
في المقالة السابقة عن المباشرة و الصنعة الادبية ، ذكرت في ردي على تعقيب الاخت الفاضلة "مونلايت" اقتباسا نسبته الى احد الكتاب الامريكيين ، و كوني قرات الاقتباس منذ زمن جعلني انسى من هو صاحبه بالضبط فارسلت الاستشهاد ارسالا . لكني لم استطع ان اتجاوز هذه الحقيقة فبحثت عن الكاتب و المقولة و اذ كان مضمون المقولة صحيحا الا ان الكاتب في حقيقة الامر هو الكاتب البريطاني "سي اس لويس" او بشكله الكامل : كلايف ستابلز لويس. قد يعرفه القارئ الكريم كونه كاتب سلسلة Chronicles of Narnia القصص التي حولت الى افلام سينمائية في السنوات الماضية .
حسنا لماذا لا نتكلم قليلا عن هذه الرسالة ...
اول شيء نلاحظه هو ان الرسالة مكتوبة كرد على احد معجبيه الصغار و يقال انه لم يترك اي رسالة من الاف الرسائل التي تصله من معجبيه الصغار الا و رد عليها ، و ليس ردا بسطر او سطرين و انما رسائل كاملة و مفيدة تحتاج الى قدر من الوقت و الاهتمام. هذا شيء يبعث على التحسين و يظهر تواضع و اهتمام هذا الكاتب بقرائه مهما كانوا صغارا .
الان سأدرج بعضا من الاقتباسات و النقاط الجميلة من الرسالة و سأبدا من النهاية ، ذلك الاقتباس الذي ذكرته في تعقيبي على اختي "مونلايت " ، قوله :
" لا تستخدم الغاية من الكلمات – لا تقل لانهائيا و انت تعني كثيرا – لانك ستحتاج لها وقت تعنيها و لكنك ستبقى بدون خيارات " ما يقصده اننا مثلا نستخدم الغاية القصوى في مواطن في الحقيقة لا تستدعي كل الغاية فيأتي وقت نحتاجها حقيقة و لكن تكون فقدت رونقها لاننا ابتذلناها سابقا .. مثال بسيط كلمة الكامل فقد نستخدمها في نصنا و نمدح رجلا ما فنقول عنه كامل و لكن لاحقا في النص نفسه نريد ان نصف الرسول الاعظم (صلى الله عليه و اله و سلم) بالكامل و نريد المعنى الحقيقي لها فتكون الكلمة اقل تأثيرا لاننا ابتذلناها .
ابتذال الكلمات بهذا الشكل يختلف عن المشهور من ابتذال المعنى ، فابتذال المعنى عادة عندما يقال عن بيت شعر او تشبيه او غيره انما يراد منه ان المعنى مبتذل من ناحية كثرة استخدامه عند الغير ، مثاله لو قلت ان حبيبتي كالغزال هكذا بدون اي اضافة للمعنى فالابتذال ظاهر فكم من مئات المرات تم تشبيه الحبيب بالغزال في النصوص الاخرى ؟!
الان يشير الكاتب الى سؤال المعجب عن اللغة الانجليزية الجيدة فيقول : لا يوجد هناك شيء اسمه اللغة الانجليزية الجيدة فاللغة الجيدة هي ما يتكلمه المثقفون في وقت و مكان ما . فالجيد في وقت و مكان ما قد لا يكون جيدا في وقت و مكان اخر.
اعتقد ان هذا ينطبق على اللغة العربية ايضا، فاللغة العربية في النصوص الادبية تختلف بحسب الزمان و المكان ، المسألة التي لا يعيها البعض فيحاول جاهدا ان يستخدم كلمات و مصطلحات و صور الشعراء القدماء ، متجاهلا ان تلك الصور و الكلمات انما هي جميلة في وقتها و مكانها و من الغريب ان تستخدم بشكل غليظ و متكلف كتعبير عن المشاعر و التجارب المعاصرة . فهكذا نصوص تبعد نفسها حتى عن الطبقة المثقفة فضلا عن عامة القراء.
يقول "دائما استخدم الكلمات البسيطة المباشرة بدلا من الكلمات الطويلة الضبابية" ، طبعا هذه المقولة موافقة كليا لاختياري المباشرة ، و استخدام الكلمات البسيطة بدلا من الغريبة واضح الاهمية فهو يجعل النص في متناول القراء . و لكن مرة اخرى هناك من يتعمد استخدام الغريب من الكلمات و التراكيب كي يظهر تمكنه اللغوي .
يقول " تجنب التعميمات المجردة عندما يكون بامكانك استخدام معان اكثر تحديدا. فاذا كان المعنى مثلا توفي عدد من الاشخاص ، لا تقل ارتفعت حالات الوفاة ." أعتقد ان هذه النقطة مقاربة في المعنى للنقطة الاولى.
يقول "دائما استخدم اللغة بحيث يكون معنى الجملة واضحا و محددا، و لا يعني شيئا غير ما تريده" ، هذه الجملة مهمة جدا لنقل تجربة و شعور الكاتب و لا اعتقد انه يريد ان لا يحتمل معنى اخر بشكل مطلق فهذا شيء وارد جدا في النصوص الادبية خاصة و في احيان كثيرة يكون مطلوبا و لكن كون طبيعة اللغات و مفرداتها حمالة اوجه فهو لا يريد ان تكون الجملة ايضا تفيد معان لا يريدها الكاتب اساسا .
دمتم في الرضا ،
في المقالة السابقة عن المباشرة و الصنعة الادبية ، ذكرت في ردي على تعقيب الاخت الفاضلة "مونلايت" اقتباسا نسبته الى احد الكتاب الامريكيين ، و كوني قرات الاقتباس منذ زمن جعلني انسى من هو صاحبه بالضبط فارسلت الاستشهاد ارسالا . لكني لم استطع ان اتجاوز هذه الحقيقة فبحثت عن الكاتب و المقولة و اذ كان مضمون المقولة صحيحا الا ان الكاتب في حقيقة الامر هو الكاتب البريطاني "سي اس لويس" او بشكله الكامل : كلايف ستابلز لويس. قد يعرفه القارئ الكريم كونه كاتب سلسلة Chronicles of Narnia القصص التي حولت الى افلام سينمائية في السنوات الماضية .
حسنا لماذا لا نتكلم قليلا عن هذه الرسالة ...
اول شيء نلاحظه هو ان الرسالة مكتوبة كرد على احد معجبيه الصغار و يقال انه لم يترك اي رسالة من الاف الرسائل التي تصله من معجبيه الصغار الا و رد عليها ، و ليس ردا بسطر او سطرين و انما رسائل كاملة و مفيدة تحتاج الى قدر من الوقت و الاهتمام. هذا شيء يبعث على التحسين و يظهر تواضع و اهتمام هذا الكاتب بقرائه مهما كانوا صغارا .
الان سأدرج بعضا من الاقتباسات و النقاط الجميلة من الرسالة و سأبدا من النهاية ، ذلك الاقتباس الذي ذكرته في تعقيبي على اختي "مونلايت " ، قوله :
" لا تستخدم الغاية من الكلمات – لا تقل لانهائيا و انت تعني كثيرا – لانك ستحتاج لها وقت تعنيها و لكنك ستبقى بدون خيارات " ما يقصده اننا مثلا نستخدم الغاية القصوى في مواطن في الحقيقة لا تستدعي كل الغاية فيأتي وقت نحتاجها حقيقة و لكن تكون فقدت رونقها لاننا ابتذلناها سابقا .. مثال بسيط كلمة الكامل فقد نستخدمها في نصنا و نمدح رجلا ما فنقول عنه كامل و لكن لاحقا في النص نفسه نريد ان نصف الرسول الاعظم (صلى الله عليه و اله و سلم) بالكامل و نريد المعنى الحقيقي لها فتكون الكلمة اقل تأثيرا لاننا ابتذلناها .
ابتذال الكلمات بهذا الشكل يختلف عن المشهور من ابتذال المعنى ، فابتذال المعنى عادة عندما يقال عن بيت شعر او تشبيه او غيره انما يراد منه ان المعنى مبتذل من ناحية كثرة استخدامه عند الغير ، مثاله لو قلت ان حبيبتي كالغزال هكذا بدون اي اضافة للمعنى فالابتذال ظاهر فكم من مئات المرات تم تشبيه الحبيب بالغزال في النصوص الاخرى ؟!
الان يشير الكاتب الى سؤال المعجب عن اللغة الانجليزية الجيدة فيقول : لا يوجد هناك شيء اسمه اللغة الانجليزية الجيدة فاللغة الجيدة هي ما يتكلمه المثقفون في وقت و مكان ما . فالجيد في وقت و مكان ما قد لا يكون جيدا في وقت و مكان اخر.
اعتقد ان هذا ينطبق على اللغة العربية ايضا، فاللغة العربية في النصوص الادبية تختلف بحسب الزمان و المكان ، المسألة التي لا يعيها البعض فيحاول جاهدا ان يستخدم كلمات و مصطلحات و صور الشعراء القدماء ، متجاهلا ان تلك الصور و الكلمات انما هي جميلة في وقتها و مكانها و من الغريب ان تستخدم بشكل غليظ و متكلف كتعبير عن المشاعر و التجارب المعاصرة . فهكذا نصوص تبعد نفسها حتى عن الطبقة المثقفة فضلا عن عامة القراء.
يقول "دائما استخدم الكلمات البسيطة المباشرة بدلا من الكلمات الطويلة الضبابية" ، طبعا هذه المقولة موافقة كليا لاختياري المباشرة ، و استخدام الكلمات البسيطة بدلا من الغريبة واضح الاهمية فهو يجعل النص في متناول القراء . و لكن مرة اخرى هناك من يتعمد استخدام الغريب من الكلمات و التراكيب كي يظهر تمكنه اللغوي .
يقول " تجنب التعميمات المجردة عندما يكون بامكانك استخدام معان اكثر تحديدا. فاذا كان المعنى مثلا توفي عدد من الاشخاص ، لا تقل ارتفعت حالات الوفاة ." أعتقد ان هذه النقطة مقاربة في المعنى للنقطة الاولى.
يقول "دائما استخدم اللغة بحيث يكون معنى الجملة واضحا و محددا، و لا يعني شيئا غير ما تريده" ، هذه الجملة مهمة جدا لنقل تجربة و شعور الكاتب و لا اعتقد انه يريد ان لا يحتمل معنى اخر بشكل مطلق فهذا شيء وارد جدا في النصوص الادبية خاصة و في احيان كثيرة يكون مطلوبا و لكن كون طبيعة اللغات و مفرداتها حمالة اوجه فهو لا يريد ان تكون الجملة ايضا تفيد معان لا يريدها الكاتب اساسا .
دمتم في الرضا ،