:: كل المقالات ::

Sat, 29 Apr 2017

أهلا بالاحتكار

بسم الله الرحمن الرحيم

قبل شهر تقريبا كنت احاول عبثا تركيب نظام اوبنتو تاتش على جهاز الجوال الخاص بي و ذلك لان البوت لودر الخاص بالجهاز كان مغلقا و لم استطع فتحه مهما حاولت . طبعا هذا الجهاز مُهدى الي و الا شخصيا لم اكن لاشتري جهازا مغلقا ، لهذا بالرغم من كرهي لمنتجات جوجل الا انني من انصار اجهزة النكسس الخاصة بها فهي من اسهل الاجهزة للفتح و التعديل . كتبت منذ سنوات عن مقاطعتي لخدمات جوجل و لكن بقي التحدي الاخير الا و هو الاندرويد نفسه هذا النظام الذي يعمل على اغلب الاجهزة المحمولة حاليا و الذي اصبح اكبر محتكر للسوق بل تفوق على نظام ويندوز في هذا الامر . في عالم الحواسيب صحيح هناك احتكار شبه مطبق لويندوز و لكن منذ البداية كان هناك خيارات بديلة سواءً مغلقة كأنظمة أبل او مفتوحة كلينكس و BSD.
اما الان في عالم الجوالات فقد وصلنا الى باب مسدود في الاحتكار و لا يوجد خيار بديل عن الاندرويد و لو بديل نسبي ، طبعا لا اتكلم عن نظام iOS من ابل و الذي لم ينقذه الا سبقه و تأسيس قاعدته قبل طغيان الاندرويد و لربما مع الوقت تفقد آبل هذه الميزة ايضا. في طفولة الاندرويد وقت ان كان نظاما سيئا كنا نحث الجميع على اقتنائه بدلا عن الانظمة المغلقة و لكن ما ان تمكنت جوجل من ارساء القاعدة تحت وعود الانفتاحية تغيرت سياستها فأصبحت تحطم المنافسة العادلة من جهة و من جهة تحارب الخصوصية بشكل سافر . لا اريد الخوض في التفاصيل التقنية الان فهذا بحث ممل و خارج عن اطار هذه المقالة المختصرة و لكن اشير فقط الى بعض الانظمة التي خسرناها جراء هذا الاحتكار و بالتالي ضاعت ربما ملايين الساعات و الدولارات هباءً و اصبحنا في سوق لا يقدم الخيارات لا من حيث البرمجيات و لا من حيث الشكل " المستطيلات " . ربما اول نظام سقط في المواجهة هو نظام webos الخاص بشركة hp و قد اعلنت الشركة عن ايقافه مع فشل اول جهاز تابلت يعمل بهذا النظام ، حقيقة لا ادري ما الذي حدث فعلا ففي تلك الفترة لم يكن الاندرويد قد سيطر على الساحة فلا ادري لماذا تم ايقاف النظام بهذه السرعة بدون اعطائه فرصة للمنافسة . نظام اخر لم يعط فرصة مناسبة للمعركة هو نظام meego من نوكيا و هو اقرب ما وصلنا اليه من انظمة لينكس على الجوال ربما ، و قد توقفت نوكيا عن تطويره بالرغم من النجاح المذهل للجهاز N9 و لكن بعد ان تم شراء نوكيا من قبل ميكروسوفت فطبيعي ان تكون نوكيا حصرا لانظمة الويندوز . و بمناسبة الكلام عن نظام ويندوز على الجوال فحتى ميكروسوفت بعظمتها لم تستطع انقاذ نظامها بعد عدة محاولات لانعاشه و قد توقفت مساعيها الى احياء النظام قبل فترة و لربما تعود لاحقا و لكن هل طارت الطيور بأرزاقها؟
نظام مغلق اخر كان يتوقع له شيء من النجاح هو نظام os 10 من بلاكبيري و لكن تأخر الشركة في الزج به داخل الساحة ادى الى تقلص قاعدته الجماهيرية و بذلك نسب نجاحه فخسر الرهان و قد تم فعلا ايقافه عمليا منذ سنتين تقريبا و هو الان في وضع الانعاش . الان ربما يستغرب البعض مني فاذا كنتُ ادعو الى الخصوصية و البرمجيات المفتوحة فلماذا اشتريت اجهزة بنظام بلاكبيري 10 ؟ حقيقة اذا نظرنا الى الموضوع من ناحية المبدأ فحقا نظامهم مغلق و لا يتماشى مع ما اعتقده و ادعو اليه و لكن من ناحية محاربة للاحتكار و دعما للانظمة التي تعمل على مبدأ الـ swipe و من ناحية اخرى عدم وجود البديل الحر الحقيقي يجعل هذا الخيار افضل الاسوء ! و المسالة الاهم عندي في عالم الجوالات هي مسالة الخصوصية و ليست مسالة الحرية فالجوال بطبيعة الحال يحوي معلومات و صور شخصية اكثر بكثير من الحاسب و من الخطورة بمكان ان يكون النظام في هذه الحالة مرتبطا كليا بخدمات شركة معينة من مثل جوجل.
قد تكون سامسونج احدى الشركات التي فعلا كان لديها الفرصة في طرح نظامها تايزن على انه بديل للاندرويد خصوصا انها تعتبر اكبر مصنع للاندرويد و لديها من السيولة ما يمكنها من ضخ الاموال الكثيرة لدعم هذا النظام و لكن التأخير و التسويف قتل هذا النظام و هو في مهده و الان اعتقد ان سامسونج لا تملك الا ان تبقى تحت رحمة جوجل . امازون كانت لديها فرصة جيدة خاصة انها الوحيدة التي نجحت في عالم التابلت بنظامها المعدل و لكن ايضا محاولتها لاختراق عالم الجوالات باءت بالفشل و اعتقد انها لم تحاول بالشكل المطلوب او انها رأت عدم جدوى المحاولة .
و من الانظمة التي خسرناها ايضا جولا و هو وريث ميجو ، و فايرفوكس os الذي انتهت صلاحيته هو الاخر قبل سنة تقريبا و اخيرا اوبنتو تاتش الذي مع اعلان موته يبدو اننا فعلا لم نعد نملك اي خيار بديل لاندرويد. حقيقة اذا كانت الشركات الكبيرة فشلت في مقاومة هذه الاحتكارية فلا اعتقد انه يجب علينا ان نلوم امثال موزيلا و كانونيكال على عدم الصمود فقد بذلوا جهدهم .
في النهاية اين الخطأ ؟ او هل يوجد خطأ فعلا اليس من الممكن ان تكون هذه طبيعة الاسواق ؟ اعني الاتجاه الى الاحتكارية و ان البقاء للاقوى و ليس للافضل ؟ حقيقة لا اعلم و لكن على الاقل قد يكون في وسعنا المحاولة لمنع الاحتكار في التقنيات الجديدة تقنية انترنت الاشياء و الذكاء الاصطناعي و الواقع الافتراضي و ما الى ذلك من الاشياء التي لا تهمني شخصيا و لكن يبدو انها هي المستقبل .

مقالة رائعة من احد مطوري فايرفوكس
مقالة رائعة تتحدث عن قصة نظام ميجو


دمتم في الرضا ،