:: كل المقالات ::

Tue, 13 Dec 2016

نظرة ناقدة لفلسفة صدر المتألهين

بسم الله الرحمن الرحيم
عنوان المقالة الاصلي باللغة الفارسية هو " نگاهی منتقدانه به فلسفه صدر المتالهین " و هي بقلم الدكتور غلام حسين الديناني أستاذ الفلسفة الاسلامية . و ان كنت افضل العنوان البديل " عن نقد فلسفة صدر المتألهين" لان العنوان الاصلي يوحي بتوسع في ذكر جزئيات ما تنتقد به هذه الفلسفة و الحال ان المقالة تتكلم عن نقد فلسفة ملاصدرا بشكل عام و كيف يجب ان تكون و تكتفي بطرح تساؤلات بدون الخوض في الجزئيات.
المقالة :
من لديهم اطلاع على الفلسفة الاسلامية و تاريخها يدركون جيدا ان هناك الكثير من الارتفاعات و الانخفاضات في مجراها الفكري . و لو قمنا بتوسيع مفهوم الفلسفة الاسلامية بتوسيع دائرتها اكبر مما قد يتبادر الى الذهن من الوهلة الاولى ، سنقف اكثر على تلك الارتفاعات و الانخفاضات . صحيح ان المؤرخين عادة يقدمون يعقوب ابن اسحاق الكندي على انه اول فيلسوف في العالم الاسلامي و لكن تأسيس الفلسفة الاسلامية في نظام منسجم تم على يد ابي نصر الفارابي . طبعا مع ظهور ابي علي ابن سينا وصل الفكر الفلسفي الى ذروته و ظهرت ثمراته بشكل واضح و كبير . بعد ابن سينا لو صرفنا النظر عن شيخ الاشراق و حكمته الاشراقية سنواجه مدرستين فلسفيتين يمكن دراستهما تحت عنوان المدرسة الكلامية/الفلسفية الشيرازية و المدرسة الكلامية/الفلسفية الاصفهانية .
لن نتطرق للحديث عن مميزات المدرستين و لا عن خصائص مريديهما ، فقط نذكر بأن صدر المتألهين الشيرازي لا يعتبر فقط ابرز فلاسفة المدرسة الاصفهانية بل و يعتبر من اكبر الفلاسفة الاسلاميين على مر التاريخ. هذا الفيلسوف الكبير كان مطلعا اطلاعا كاملا على جميع مجاري الفكر في العالم الاسلامي و قام بتأسيس نظام فلسفي بديع لم يسبق اليه يعرف بالحكمة المتعالية . الكثير من الكلام قيل في فلسفة صدر المتألهين فعلى مدى الاربعمائة سنة الماضية لاقت افكاره اهتماما متواصلا و تم تدريس كتبه خصوصا في الحوزة العلمية الايرانية.
الكثير من المفكرين الكبار كتبوا تعليقاتهم على اغلبية مؤلفات صدر المتألهين و ابدوا اراءهم الموافقة و المخالفة له . مع هذا لم يكتب كتاب نقد دقيق و شامل لكل منظومة صدر المتألهين الفلسفية بحيث تبحث فيه كل مسألة من مسائل فلسفته بشكل مستقل . خلال القرون المتوالية من بعد ملا صدرا نجد من قام بنقد بعض نظريات هذا الفيلسوف الكبير فمن هؤلاء يمكن الاشارة الى الشيخ احمد الاحسائي ، الميرزا ابي الحسن جلوة و العلامة ملا صالح المازندراني و لكن كما اشرنا سابقا فهذه الانتقادات لم تكن بشكل جامع و منظم و انما كانت محدودة ببعض المواضع .
المتعصبون من انصار الملا صدرا لا يحبذون انتقاد كلام هذا الفيلسوف الكبير و يبدون انزعاجهم من هؤلاء النقاد . و لكن الحقيقة هي ان تاريخ و حقائق فلسفات و اراء المفكرين الكبار اذا لم تخضع للتفسير المستمر ستفقد معناها . لهذا لا يمكن ان نصل الى نهاية في تفسير و قراءة الافكار العالية و المتعالية . الكتاب و المفكرون لديهم تصورات مختلفة عن سقراط ، فالصورة التي صورها افلاطون عن سقراط تختلف عن تلك التي رسمها الفلاسفة الرواقيون و العرفاء عنه . و على مر التاريخ كان هناك الكثير من المفكرين الذين قدموا صورا مختلفة لسقراط و افكاره . هذه الصور و القراءات و ان كانت مختلفة فيما بينها الا انه لا يمكن ان نعتبرها كلها عارية عن الحقيقة لان كل واحدة من هذه الصور تظهر وجها خاصا من شخصية سقراط التاريخية و الفكرية و الاخلاقية . هذا الكلام ينطبق على بقية المفكرين الكبار . ديناميكية و استمرار فلسفة ملا صدرا تعتمد على استمرارية نقد و دراسة افكاره بشكل دقيق . فمن خلال هذا النقد و هذه الدراسة ستظهر جهات مختلفة و زوايا جديدة لرؤى و افكار هذا الفيلسوف الكبير و ستتسع دائرة فلسفته . اذن يمكننا ان ندعي ان من ينظر بعين النقد لفلسفة ملا صدرا لا يعني بالضرورة انه في صدد الخصومة مع هذا الفيلسوف او انه لا يكن له تبجيلا.
في خصوص الحكمة المتعالية للملا صدرا يمكن النظر بعين النقد اليها من عدة جوانب ، و هي :
1- اطلق صدر المتألهين على اهم كتبه اسم الاسفار الاربعة ، هذه الكلمة اشارة الى اربعة اسفار معنوية يطويها السالك في سيره و سلوكه . و هو اذ يسعى لان يدون و ينظم كتابه بناء على هذه الاسفار الاربعة الا انه دائما كان هنالك تساؤل عن محتوى هذا الكتاب و هل هو بحق مبني و منظم على الاسفار المعنوية الاربعة الخاصة بأهل السلوك ؟
2- يستند صدر المتألهين في احيان كثيرة الى المشاهدات الروحية و المكاشفات القلبية بالاضافة الى استدلاله بالبراهين المنطقية . السؤال الذي يطرح هنا هل يمكن الاستناد الى هذين المنبعين جنبا الى جنب و بشكل متساو في نظام فلسفي منسجم ؟
3- قام هذا الفيلسوف الكبير في موارد عديدة بإدراج عبارات الفلاسفة و المتكلمين و العرفاء الذين سبقوه في مصنفاته و لكنه لم يشر ادنى اشارة الى المصدر . السؤال الذي يطرح هل يمكن توجيه هذا العمل من هذا الفيلسوف الالهي ؟
4- من لديهم معرفة بمصنفات الملا صدرا يعرفون بشكل جيد ان هذا الحكيم الكبير استند في موارد عديدة الى الايات القرانية و روايات اهل بيت الطهارة و العصمة عليهم السلام و وجه رؤاه من خلالها . السؤال الذي يطرح هنا هل يستنبط هذا الفيلسوف الكبير مبانيه الفلسفية من القرآن المجيد ام انه بالعكس يفسر القران بناء على مبانيه الفلسفية ؟
بعبارة اخرى يمكننا القول : هل فلسفة ملا صدرا تتبع تفسيره او بالعكس تفسيره يتبع فلسفته ؟ طبعا يمكن تصور طريق ثالث يقال فيه انه لا فلسفته تتبع تفسيره و لا تفسيره يتبع فلسفته و انما ملا صدرا فقط يطابق بينها .
نحن هنا نكتفي بطرح التساؤلات و لكننا على امل ان تُفتح ابواب جديدة للجواب عنها في المستقبل .
انتهى كلامه و للاطلاع على المقالة الاصلية و بقية كتابات الدكتور يمكنكم زيارة الرابط:
ebrahimi-dinani.com/