:: كل المقالات ::

Tue, 13 Dec 2016

الاشكال (1) : الخوف عند الانبياء

بسم الله الرحمن الرحيم

لدي فكرة كتابة سلسلة ردود على بعض الشبهات او الاشكالات التي قد تتبادر الى الذهن فيما يخص بعض الامور الدينية و التاريخية ، بحيث تكون الاجابة مختصرة و ميسرة . لذلك ارحب بأي اقتراح لسؤال او اشكال من هذه النوعية على بريدي الخاص .

:: الخوف عند الانبياء ::

هناك اشكالية قد تتبادر الى الذهن جراء استخدام القران لفظ الخوف في حق بعض الانبياء عليهم السلام مما يوهم بأنها صفة نقص لا تناسب شأن الانبياء الذين يتمتعون بصفات الكمال . في الجواب يمكن ان يقال بأن الخوف في حد ذاته ليس من صفات الرذيلة حتى لا يليق بساحة الانبياء عليهم السلام فهو كالغضب قد يكون في احيان ممدوحا بل مطلوبا مثل الغضب لله فيمكن ان يخاف من الله و لله بمعنى الخوف على نفسه لتبليغ الرسالة أو الخوف على سلامة المؤمنين كما سيأتي في الامثلة التالية . البعض يعتقد ان الخوف هو ضد الشجاعة و لكن ما يقابل الشجاعة هو التهور و الجبن فالتهور على حد الافراط و الجبن على حد التفريط . لذلك الصفة المذمومة التي يخلط بها الخوف هي الجبن و هذه لا تليق بساحة الانبياء . اضافة الى ذلك فالخوف قد يأتي على معان مختلفة ، منها مثلا بمعنى " لا اريد " و " اخشى " كما في قوله تعالى :
"يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا "
اما الايات التي تضمنت وصف الخوف فيمكن حملها على :
الوجه الاول : الخوف على النفس و عدم القدرة على تبليغ الرسالة و موتها بموت الرسول أو الخوف على سلامة المؤمنين . قوله تعالى :
" فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ "
" فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ"
" قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ "
" فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ * قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَىٰ "
" قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَىٰ"
يفرط علينا : أي كانا يخافان ان يعجل بالعقوبة و هو في موضع القوة في ذلك الموقف و بذلك تموت الرسالة بموت موسى و هارون عليهما السلام.
و منه وصف الامام الحجة عجل الله فرجه الشريف بـ " المهذب الخائف " .
الوجه الثاني : الخوف الطبيعي الذي لا يستلزم الجبن و هو ما ينتاب الانسان من رهبة جراء حصول شيء عظيم او مخالف للعادة و النواميس الطبيعية ، مثل قوله تعالى :
" فَلَمَّا رَأَىٰ أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ "
" فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ "
" قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَىٰ "
" وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّىٰ مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَىٰ لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ"
اما قوله تعالى في قصة داوود عليه السلام :
" إِذْ دَخَلُوا عَلَىٰ دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَىٰ بَعْضُنَا عَلَىٰ بَعْضٍ "
ففزع هنا قد تفيد معان كثيرة " خاف ، انتبه ، انقبض ، انزعج ، ارتاع .. الخ " و لكن لمعرفة سبب خوف داوود عليه السلام يجب الرجوع الى تفاصيل هذه القصة و التي منها ان الله سبحانه و تعالى كان قد واعد داوود عليه السلام بالبلاء في ذلك اليوم بالذات لذلك اشتد خوف داوود و ترقبه و بقي ذلك اليوم في محرابه يتضرع ، فهو كان في وضع خوف و ترقب من اختبار الله له . اضف الى ذلك كيفية دخول الخصم و هل كانوا اثنين او اكثر و على اي حال دخلوا ؟

دمتم في الرضا ،