:: كل المقالات ::

Tue, 21 Feb 2017

غربة صاحب العصر عجل الله فرجه الشريف

بسم الله الرحمن الرحيم

كنت استمع لأحد المشايخ من العجم و قد كان يتحدث عن غربة صاحب العصر عجل الله فرجه الشريف فلفتت نظري مقارنة عقدها بين غربة الامام عجل الله فرجه الشريف و غربة جده سيد الشهداء عليه السلام. و قد خلص في نهاية مقارنته الى ان غربة الامام عليه السلام أشد من غربة جده سيد الشهداء عليه السلام و ذلك لان سيد الشهداء الى قبيل استشهاده بساعات كان يحظى بلفيف من اصحابه و اهل بيته و خاصة امثال قمر العشيرة عليه السلام و ابنه الاكبر و ابن اخيه القاسم عليهم جميعا السلام . هذا و الحال ان صاحب الزمان عجل الله فرجه الشريف منذ اكثر من الف سنة و هو غريب وحيد لا ناصر له و لا معين. في اعتقادي ان غربة الامام صاحب الزمان عجل الله فرجه الشريف أشبه بغربة جده الرضا عليه السلام . على كل حال عندما نتكلم عن الناحية المقدسة فطبيعي ان تكون بعيدة المنال ليست شرعة لكل وارد فهي في حالها كالقران الكريم " لا يمسه الا المطهرون " .
و تحضرني قصة تناسب المقام تحكيها سيدة أصفهانية كبيرة السن قيل انها تشرفت برؤية الامام مرارا لا اقل في المنام. تقول هذه السيدة انها كانت تحضر مسجد جمكران قديما حين كان المسجد صغيرا و كان الطريق الى المسجد من قم ليس معبدا و وعرا فلم يكن يأتي الى المسجد الكثير من الزوار الا ليلة الجمعة و يغلق المسجد في اغلب الاوقات. طبعا في السنوات الاخيرة وسع المسجد و عبدت الطرق و اصبح المكان يضج بمحبي الامام عليه السلام ليلا و نهارا و قد فرحت هذه السيدة بكثرة الزوار من المشتاقين لرؤية صاحب الزمان عجل الله فرجه الشريف . تقول بعد ان اديت اعمالي و تناولت شيئا من الاكل الذي يقدم في المسجد ذهبت الى احدى الغرف لارتاح و هناك رأيت في عالم الرؤية - او بين النوم و اليقظة - صاحب الزمان و قد قدم الى المسجد و هو يمشي فيه و لكن لا احد مهتم به فذهبت اليه و بعد السلام عليه اخبرته بفرحي بكثرة عشاقه هذه الايام فقال لي ان اغلب من اتوا الى هنا لم يأتوا لاجلي بل لحوائج و اغراض تهمهم . قالت ثم ذهبت معه و بدأ بسؤال الحاضرين هناك عن سبب قدومهم فكانت الاجابات من قبيل لدي مريض آيس منه الاطباء ، لدي ديون اثقلت ظهري ، لدي زوج يعذبني...الخ. فقال الامام عليه السلام ترين انهم قدموا لاغراضهم و حوائجهم و هم على الاقل مؤمنون بي و يعتقدون بوجودي و قدرتي على تيسير امورهم لاني واسطة الفيض و لكن هناك من يأتي الى هنا فقط من أجل التنزه و البعض لا يؤمن بي اصلا . تقول ثم قال عليه السلام نعم هناك من يأتي لاجلي فقط و هم قليلون ثم نظرنا الى رجل معمم في زاوية المسجد يتفحص المكان كمن اضاع شيئا فلما رأى الامام انكب على قدميه يقبلهما و هو يبكي و يصيح اين كنت يا مولاي . تقول فقال له الامام انت لماذا اتيت الى هنا ؟ فلم يرد الرجل بل زاد من بكائه فأعاد الامام عليه السؤال فقال باكيا منذ متى يا سيدي جئت اريد شيئا غير رؤيتكم ؟ انت دنياي و آخرتي و لا استبدل لحظة من لحظات رؤيتكم بما سوى الله !
جان شه باشد كه نثار قدم دوست كنم ؟
اين متاعي است كه هر بي سر و باي دارد


ما قيمة الروح كي أنثرها عند اقدام الحبيب ؟
هذه متاع لدى كل من له و ليس له قيمة !


و هناك ايضا قصة تروى عن شخص يدعى محمد علي فشندي اذ يقول انه كان في مسجد جمكران و بعد ان اتم الاعمال خرج الى الصحن. يقول رأيت رجلا نورانيا دخل الى الصحن فقلت في نفسي هذا يوم حار و هذا السيد للتو جاء الى المسجد و هو الان في عطش. يقول ثم ذهبت و قدمت كأس ماء للسيد لكي يشرب و عندما انتهى السيد من شرب الماء ارجع الاناء و قال " شيعتنا لا يريدوننا حتى بقدر شربة ماء ، لو كانوا يريدوننا لدعوا بتعجيل الفرج و لكان فُرج عنهم " . يقول ثم غاب عن ناظري فجأة .

و ان كنت تشك في مصداقية هكذا قصص و لا ينشرح صدرك لها فدعها و لكن المعنى سيبقى حقيقة لا تنكر فالامام في غربة و اعظم من ذلك ما يتصل به منا من الذنوب . هكذا تبقى الاسئلة كم مرة في اليوم تذكر إمامك ؟ ام ان وحدته و غربته لا تعنينا في شيء و دعاء الفرج الذي نقرأه بعد كل صلاة انما هو روتين و طقس من الطقوس العبادية؟ هل نحن على العهد الذي يفترض ان نجدده كل صباح ؟ ام ان موضوع نصرة الامام له رجاله الذين سيقومون به اما نحن فنرجو من الله السلامة ؟
تستوقفني هذه العبارة من دعاء العهد كثيرا" فأخرجني من قبري مؤتزرا كفني شاهرا سيفي " يا للصورة المهيبة ! هل فعلا عندما اردد هذه الجملة انا صادق في دعواي ؟ الا تكفيني وحشة يوم المحشر فأضيف عليها وحشة أخرى !
بعد كل هذا لا بأس بأن نكشف الاسرار ففي الحقيقة و بمعنى اخر يجب عكس الكلام ، فالامام هو الوجود و هو كما وصف القران الكريم ابراهيم " أمة " في حد ذاته ، و من يكون جليسه الله سبحانه و تعالى و الملائكة و الانبياء و الملأ الاعلى كيف يعاني من الوحدة ؟! نحن في الحقيقة الغرباء و نحن الفاقدون لامامهم و نحن الضائعون و لن تنتهي هذه الغربة الا عندما تتصل قطرتنا ببحر وجوده عجل الله فرجه الشريف .

دمتم في الرضا ،