:: كل المقالات ::

Tue, 13 Dec 2016

الحال المكتسب من الامور الخارجية لا يعول عليه

بسم الله الرحمن الرحيم

خلاصة الكلام يا سيدي ان الحال المكتسب من الامور الخارجية لا يعول عليه و اليك تفصيل ذلك :
هناك مفهوم مشهور و متداول يقول بأن السعادة لا تتحصل من الامور الخارجية و هذا امر من السهل فهمه فالسعادة التي تكتسب من خلال اقتناء اشياء معينة او ممارسة اشياء معينة قل مثلا مشاهدة الافلام و سماع الاغاني و شراء احدث صيحات الموضة و ما الى ذلك كلها امور لا تعطي سعادة حقيقية . لماذا لا تعطي سعادة حقيقية ؟ لانها سعادة مؤقتة منقطعة من جهة و من جهة اخرى انها سعادة مبنية و معتمدة على الشيء الخارجي بمعنى انه مع اختفاء هذا الشيء تذهب السعادة و يحل محلها الحزن و الخيبة و ربما الندم. المشكلة ايضا تكمن في ان العقل في هذه الحالة يكون في حاجة مستمرة الى الاشباع بالامور الخارجية و كل مرة يريد جرعة اقوى لتحريكه و هذا ينتهي بالادمان. يمكن تسرية هذا المبدأ على كل شيء في الحياة ابتداءً من الزوجة و الابناء و انتهاءً بالام و الاب . كل شيء خارجي يكون سببا في سعادة مزعومة انما هو تقييد للسعادة الحقيقية لاننا بذلك نجعل السعادة مرهونة بتواجد هذا الشيء و قد فصلت هذا المعنى في مقالة التعلقات لذلك لن اطيل .
كلامنا اليوم ليس في هذا المعنى و انما المقصود هو الحال المكتسب من الامور الخارجية في خصوص العبادات فالبعض قد يتصور ان الموسيقى و اللطميات و ما الى ذلك من الامور التي تثير حالة معينة في الروح هي احوال يعول عليها و لكن في حقيقة الامر هكذا تصور ليس بدقيق . من يعتمد على الامور الخارجية في العبادات طلبا لكسب الحالة الروحية يقع في فخ تقييد الحالة الروحية بناءً على تواجد الامر الخارجي و كفاك هذا في عدم مطلوبية الامر . لنأخذ بعض الامثلة العملية ليتضح المطلب فقد ذكر الشيخ بناهيان ان احد اساتذة الموسيقى قال له لماذا تعادون الموسيقى ؟ فالموسيقى من الممكن ان توجه الناس الى الله سبحانه و تعالى و هي قد ترفع الحالة المعنوية للانسان كما في الموسيقى العرفانية فلا استبعد ان يأتي اليوم الذي ندخل آلة الاورج الى المساجد . و قد اجابه الشيخ بان الله سبحانه و تعالى جعل صلاة الليل لتأتي لوحدك و تناجي لوحدك بدون مساعدة الخطباء و الوعاظ و الموسيقيين ! نعم فالشيخ واقعا اصاب عين الحقيقية فالذي يحتاج الى هذه الامور الخارجية للوصول الى الله ستكون في نهاية المطاف بمثابة الحجاب الذي يحجبه عن الله سبحانه و تعالى . بربك ! هذا الانسان الذي لا يأتيه الحال الا مع الموسيقى او مع نعي الشيخ ما يدريك ان تأثره انما هو من باب تفاعل الروح مع النغمات الصوتية فيكون حاله من حال اي انسان يستخفه الطرب ؟! و قس على ذلك الانسان الذي لا يتفاعل مع الايات الا مع صوت قارئ شجي ! من اقرب الامثلة الينا هو عزاء الامام الحسين عليه السلام تجد اكثر الناس لا يعرف البكاء على المصاب الا وقت قراءة النعي و قد يتشرط في ان هذا الشيخ لا يجيد النعي و اما الاخر فنعيه حار ! اين هذا من الذي يبكي بمجرد سماع اسم الامام بل لا حاجة له الى اي شيء خارجي فالامام معه دائما اينما حل و ارتحل تراه يبكي. و هذا المعنى قد يستفاد من قول الامام الحجة عليه السلام : فلابكينك صباحا و مساءً ، فليس المراد خصوص الصبح و المساء بل هو كناية عن الاستمرارية الدائمة اي ان الامام في حالة بكاء مستمرة . لذلك يجب ان ينتبه الانسان الى هذه النقطة الجوهرية فمع الحج و الزيارات و المجالس الحسينية و مجالس الدعاء العام يسهل تحصل احوال مؤقتة فالذي لا يتحصل على شيء مع كل هذه المساعدات الخارجية فأمره صعب . الكلام هو في الوصول و الحصول على الحال الدائم الذي لا يحتاج الى مساعدات خارجية يخبو بغيابها . الكلام ذو شجون و لكن التطويل يوقعنا في المحظور الذي نتكلم عنه !

دمتم في الرضا ،