:: كل المقالات ::

Tue, 13 Dec 2016

.. الحياة اكثر من مجرد سعادة ..

بسم الله الرحمن الرحيم
* هذا الموضوع مجرد تلخيص سريع - و بعض ملاحظات - لمقالة كتبتها "ايميلي اصفهاني سميث" نشرتها على صفحات The Atlantic ، من يفضل قراءة المقالة بلغتها الاصلية كاملة يجد الرابط في اخر الموضوع .
تفتتح الكاتبة مقالتها بالكلام عن بطل المقالة -ان صح التعبير- فهو فيكتور فرانكل الطبيب اليهودي المتخصص في الامراض العصبية و النفسية . ففي العام 1942 تم القبض عليه و ارساله مع عائلته الى بعض مخيمات الابادة النازية ، و بعد 3 سنوات تم تحرير هذا المخيم و لكن كان فيكتور قد فقد جل عائلته لا سيما زوجته التي كانت تحمل طفله في احشائها . في كتابه الاكثر مبيعا المنشور في عام 1946 و الذي كتبه في تسعة ايام خلال تواجده في المخيم و المعنون بـ " رجل يبحث عن المعنى " يصل فيكتور الى نتيجة مفادها ان الفارق بين الذين ماتوا في المعتقل و الذين بقوا على قيد الحياة يتلخص في المعنى، اي من كان يرى لحياته معنى كان اشد نضالا للبقاء و تحدي الصعاب .
" كل شيء يمكن ان يؤخذ من الانسان الا شيء واحد! : " يقول فيكتور في كتابه و يضيف " ما تبقى من حرية الانسان في كيفية تعامله مع المواقف مهما كانت ؛ حرية اختيار المنهج و الطريق". في تلك الفترة كان فيكتور يمارس دوره كطبيب نفسي في ذلك المخيم و يحاول ان يبعث بعض الامل في حياة الاسرى، و قد ذكر مثالين لاشخاص كانوا على مشارف الانتحار و لكنه اعادهما الى رشدهما بمحاولة ايجاد معنى لحياتهما و ذلك بتوعيتهما فإن كانا هما لا ينتظران شيئا من الحياة الا ان الحياة تنتظر منهما . فالاول كان لديه ابن يعيش في احدى الدول النائية و الاخر كان عالما و لديه كتب تنتظره ليكتبها لاحقا . يقول "من يدرك مسؤوليته في الحياة و مكانه الذي يميزه و لا يمكن ان يشغله شخص غيره سواء من خلال ادراكه ان هناك من ينتظره او ان هناك ما يجب ان يكمل عمله ، لن يمكنه ان ياخذ حياته باختياره ، انه يعلم الـ "لماذا" في حياته ، و سيتحمل الـ "كيف" مهما تكن الصعوبة ". ايميلي سميث تقارن بين قيم كتاب فيكتورفرانكل من معنى و تضحية و مسؤولية تجاه الغير ، و بين العرف الدارج في الثقافة الامريكية الحالية حيث الاهمية للسعادة ، فترى التوجيه للشخص بان يكون سعيدا في حياته. و يظهر هذا جليا عندما نرى ان الكتب الاكثر مبيعا في الفترة الاخيرة تحمل في عنوانها كلمة السعادة. و يضيف جالوب ان 60 بالمائة من الامريكان يشعرون بالسعادة و عدم وجود ضغط او قلق. و في دراسة اخرى وجدوا ان 4 من كل 10 اشخاص في امريكا لم يجدوا معنى و هدفا جيدا لحياتهم ، و 40 بالمائة لا يرون ان لحياتهم معنى . و قد اثبتت الدراسات ان الاشخاص الذين يجدون معنى و هدفا لحياتهم يساعدهم ذلك في تحسين حالتهم الصحية و الجسدية و رضاهم عن الحياة و ثقتهم بانفسهم و صلابتهم امام الصعاب و يقلل من اصابتهم بالاحباط و الاكتئاب . لهذا نجد ان بعض الباحثين يتحفظ على مفهوم البحث عن محض السعادة ، و على الرغم من ان الدراسات اثبتت محيطا مشتركا واسعا بين حياة سعيدة و حياة ذات معنى الا انها وجدت اختلافا واسعا بين الامرين . مثلا عناء تربية الاطفال قد يصنف سمة اساسية في الحياة ذات المعنى و ليس الحياة السعيدة . بشكل عام تقول الدراسة ان من يقود حياة ذات معنى عادة هم من يعطون (الغير) و اما من يعيشون حياة السعادة هم من يأخذون (اي يأخذون لملذات و راحة اجسامهم). اذا محض السعادة و غياب المعنى قد يحقق حياة سطحية تلبي رغبات الجسم و شهواته و تقل او تختفي فيها صعوبات الحياة و معكراتها . فالانسان بطبيعته يشعر بالسعادة اذا تحصل على ما يريد و لكن هذا الشعور يشاركه فيه الحيوان.
و تواصل الكاتبة استكشاف الفروق بين الحياة السعيدة و الحياة ذات المعنى – مستمدة من كتاب فيكتور و اخر الدراسات في هذا الصدد – و انهما ليسا بالضرورة نفس الشيء. و لكن بما ان هذا مجرد تلخيص فسأقفز الى خاتمة المقالة و ننهيها كما بداناها بالحديث عن فيكتور هذا العالم النمساوي الذي كان متميزا منذ صغره و قد قرا له سيجموند فرويد مقالة و اعجب بها و تولى امر نشرها له . فبعد تأزم الاوضاع في اوربا ايام الحرب العالمية الثانية تحصل على فيزا للسفر الى امريكا و مواصلة ابحاثه هناك و لكنه كان مدركا ان المسألة كانت مجرد وقت و سيأخذ الالمان والديه كما بقية العوائل اليهودية ، هنا وجد نفسه في مفترق طرق فهل يقوم بترك والديه و السفر الى امريكا مع عروسته الجديدة و يواصل حياته و ابحاثه العلمية ام يبقى مع والديه ليساعدهما في الظروف الصعبة في مخيمات النازية ؟ بعد تفكر قرر ان يضحي و يبقى مع والديه و يساعدهما و عائلته و بقية من في المخيم في محنتهم و ليخفف عنهم بعض الذي نزل بهم .
** نقطة للتأمل **
نقاط التأمل في هذه المقالة كثيرة جدا و لكن كمثال ، هناك عبارة اختارتها الكاتبة كفكرة رئيسة في المقالة الا و هي :
“It is the very pursuit of happiness that thwarts happiness.”
يمكن ترجمتها الى "عملية البحث عن السعادة هي ما تحبط (الحصول على) السعادة".
قد يكون المراد من هذه العبارة ان السعادة ليست بغاية تطلب انما نتيجة عرضية و حصاد للاعمال و التصرفات الخيرة. و قد يكون المعنى المراد هو عملية البحث المستمر عن محض السعادة ادعى لعدم الوصول اليها لان السعادة شيء داخلي و ليس شيئا خارجيا حتى يطلب و يبحث عنه في الخارج . او ربما هي اشارة الى ان السعادة مثل الغناء و الرزق شيء مناط بالقناعة فان طلبته لا ينتهي الا ان تقف عند حد ما و تقول ان في هذا كفاية. و قد يكون المعنى في ان الاستغراق في الطريق يشغل عن المقصد مثل المسافر الذي يقصد قمة الجبل و لكنه ينشغل بما يجده في الطريق و ينسى هدفه الرئيسي. هل توجد معان اخرى تستفاد من الجملــة؟.

**رابط المقالة الاصلية **
http://www.theatlantic.com/health/archive/2013/01/theres-more-to-life-than-being-happy/266805