:: كل المقالات ::

Tue, 13 Dec 2016

لا أؤمن بما يؤمنون

بسم الله الرحمن الرحيم

هذه بعض من الامور التي لا اجدني اؤمن بها بالرغم من الرأي العام و ما يذكر من أدلة علمية او غير ذلك من الامور التي تصب في صالح الايمان بأهمية هذه الاشياء .
(1) أهمية الرياضة في حياة الفرد
الإعلام بأشكاله المختلفة و الدراسات كلها هذه الايام تشيد و تركز على اهمية دور الرياضة في حياة الانسان و انها ضرورية لحياة صحية و جيدة . اذا تجاوزنا الدوافع التجارية لكل المستفيدين من امبراطورية الرياضة و ما يتعلق بها من نواد ، ملابس و احذية ، اجهزة ، مأكولات و مشروبات ...الخ هل هي فعلا ضرورية ام ان نمط حياتنا هو الذي يجعل منها ضرورة ؟ عندما ندقق النظر نجد ان اغلب ما يروج للرياضة هو ان لها تأثيرات ايجابية لمرضى السكر و الضغظ و القلب و لمن يريد التخسيس و ما الى ذلك و لكن السؤال كل هذه الاشياء من اين اتت ؟ كلها نتاج طبيعي لنمط حياتنا العصري من الاكل السريع و العمل الطويل و الجلوس المتواصل . لهذا لماذا لا يكون التركيز على محاربة هذه الاشياء التي تشكل نمط حياتنا العصري بدلا من التركيز على الرياضة كمخفف من آثار هذه الامراض ؟ عندما ننظر الى الاجيال الماضية نجد انهم كانوا يتمتعون بصحة افضل منا بالرغم من انهم لا يمارسون الرياضة انما هو نمط حياتهم فالاكل مثلا صحي و قدر الحاجة ، فمن لا يأكل كثيرا لماذا يحتاج لحرق سعرات؟ و من لا يجلس طويلا و يتحرك باستمرار لماذا يحتاج الى وقت مخصص للرياضة أو ساعات بائسة يقضيها في النادي ؟ اذا كان الاعلام و الحكومات يهتمون فعلا بصحة المواطن لماذا لا يدعون الى حلول اخرى مثلا تقليل ساعات العمل ؟ هذا في حد ذاته سيقلل من فترات الجلوس الطويلة ، التعرض لاشعة الشاشات ، الاجهاد و الضغط ...الخ. لا ! امثال هذه الاشياء لا احد يدعو لها لان هناك شركات و مصالح و محسوبيات !
ايضا نحن نحب ان نبسط الامور فنعتقد ان من يمارس الرياضة و العادات الصحية سيتمتع بصحة جيدة و من يدخن مثلا سيعاني الامراض و سيقصر عمره كما يقال و لكن الانسان دائما اعقد مما نتصور فكم من اشخاص عرفوا باللياقة العالية و الرياضة ماتوا فجأة و كم من مدخن عمر ليعيش قريب المائة بصحة جيدة ، مثال الاول شخصية عالمية مثل بروس لي و مثال الثاني المعمرة الهولندية التي عاشت فوق ال 120+ سنة و هي مدخنة اضافة الى جم غفير من علمائنا الاعلام من امثال السيد الخوئي و غيره .
الامر الاخر اني لم اجد في القرآن او فيما روي من الاحاديث اشارة الى اهمية الرياضة بل لم اجد اشارة الى الرياضة اساسا او الى مصطلح يوافق هذا المعنى ، الا ما ورد في بعض الاحاديث التي تذكر الركوب و الرماية و السباحة - ان صحة النسبة - ، و من الواضح جدا ان الحث هنا ناظر الى نواحي الفروسية و حاجة رجل ذلك الزمان الى هذه المهارات كي يستطيع ان يشارك في الحروب و ان يدافع عن نفسه و عرضه.
كلامي كان بخصوص الرياضة المعتدلة و لست اتكلم عن الرياضة التي تعنى بمقاس العضلات و الخصر ! و لا عن متابعة الرياضة و اخبارها فهذه سفاسف لتضييع الوقت و تخدير العقول. ارجو الا يفهم كلامي انه دعوة لترك الرياضة او ان الرياضة لا فائدة منها و انما أقول ان المسألة في ايامنا هذه اعقد من معادلة بسيطة تختصر في : رياضة كثيرة = صحة جيدة و حياة طويلة .

(2) أهمية كثرة شرب الماء
هناك الكثير من الدراسات و النصائح الطبية التي تفيد اهمية كثرة شرب الماء و قد اختلفوا في مقدار هذه الكثرة و لكن قرأت انه يجب الا يقل عن لترين في اليوم . اذا علمنا ان كل انسان يختلف من ناحية بيئته التي يعيش فيها و من ناحية نوع المجهود الذي يبذله ، اضف الى ذلك ان الانسان يحصل ايضا على الماء عن طريق بعض المأكولات كالسلطات و الفواكه مثل الشمام و البطيخ الاحمر الى غير ذلك من العوامل و المتغيرات اجد انه من الصعوبة بمكان ان يجزم احدهم باهمية شرب كمية معينة من الماء . لهذا لا استطيع ان اشرب لترين من الماء و انا لا ارغب بذلك و لا اجد حاجة الى ذلك . و ما الفائدة من كثرة شرب الماء اذا كانت ستجعلني اتردد كثيرا الى دورة المياه ؟ اليست هذه رسالة واضحة من الجسم انه لا يحتاج الى هذه الكميات من الماء ؟ اعتقد ان المسألة تشبه مسألة النوم فلماذا يروج الى اهمية الثمان ساعات مع ان كل انسان يختلف بحسب المجهود و الفئة العمرية و ما الى ذلك من المتغيرات ، اعتقد ان الجسم لديه القدرة على الإخبار عندما يحتاج الى النوم و لديه القدرة على الإخبار عندما ينال ما يكفيه من الراحة ! (1)

(3) أهمية قراءة و مشاهدة الاخبار
البعض قد يعتبرها نوعا من انواع الاطلاع ، الثقافة ، الاهتمام بأمور المسلمين ، لكنني لا اشاهد الاخبار و انصح الاخرين بعدم المشاهدة لاسباب :
- ان الاخبار نتاج الاعلام و الاعلام مسيس و يخدم اجندة معينة و كل يحاول ان يحرف الحقيقة لكي توافق هواه و لا يستثنى من ذلك احد . لذلك يجب ان نعي ان الاخبار في غالب الامر ليست الا كذبا صرفا او حقائق معدلة لتتوافق مع توجه المالك و الراعي الرسمي للجهة الاعلامية .
- ان الاخبار لا فائدة ملموسة منها ، فهل قضاء ساعات العمر امام التلفاز او قراءة الاخبار يفيد علما او ثقافة او دينا ؟ بعد ان تنتهي من قراءة الاخبار هل تجد ان حياتك تغيرت الى الافضل ؟ هل تحسن شيء في شخصيتك ؟
- انه لو كان هناك خبر مهم حقا فسأعلم به لا محالة من طرق كثيرة فلماذا الخوف من ان يفوتني شيء مهم و لماذا الحاجة الى متابعة الاخبار اولا بأول ؟
- ان الاخبار تسبب الاكتئاب و الغضب و تركز على الجوانب المأساوية و الحروب و الدمار فتجعل الانسان في جو سلبي يؤثر على بقية يومه .
- قد يقال انها نوع من انواع الاهتمام بأمور المسلمين و لكن ما جدوى ذلك و نحن ليس لدينا القدرة على تغيير شيء ؟ الان كم لنا من السنوات و نحن نقرا و نسمع عن ما يعمله الاسرائليون بالفلسطينيين فهل هذه الساعات المتراكمة التي قضاها المسلمون في قراءة و متابعة هذه الاخبار غيرت شيئا ؟ ثم ليكن انها نوع من انواع الاهتمام بأمور المسلمين إلا ان تركي هذا النوع من الاهتمام لا ينفي اهتمامي باشكال اخرى مثلا يمكن ان ابين اهتمامي بأمور المسلمين بالدعاء لهم في صلواتي و مساعدة المسلمين في منطقتي ممن فعلا استطيع ان اغير شيئا في حياتهم بدلا من اتلاف وقتي في متابعة امور لا يد لي فيها .

(4) اهمية ادخال التقنية و البرمجة في التعليم
قبل فترة كان هناك دفع باتجاه ادخال البرمجة في التعليم المدرسي و رافق ذلك ترويج كبير لحاجة كل انسان لان يتعلم البرمجة و ظهرت مواقع تعليمية كثيرة و شارك في الترويج شخصيات كبيرة . و هذه الايام هناك دفع باتجاه ادخال التقنية - بأشكالها المختلفة - في التعليم و لكي تعرف ان المسألة هي مجرد مسألة تجارية صرفة يكفيك ان تعرف ان من يقود هذه الموجات شركات من مثل جوجل ، فيسبوك ، ميكروسوفت و امازون .
اما بخصوص التقنية فلا يوجد هناك داع لادخالها في التعليم لاننا بذلك نزيد من المتطلبات للعملية التعليمية و هذا ليس في صالح العملية التعليمية ان تكون محتاجة الى امور كثيرة . اذا كان الهدف هو تجهيز الطلاب للتعامل مع التقنية فيكفي ان تضاف مواد تدرس هذه التقنيات و الافضل ان تكون في السنوات المتأخرة من السنوات المدرسية . لماذا تربط الآداب و العلوم و الفنون بتقنيات معينة ؟ ثم الا يكفي هذا الجيل ما يعانيه من ادمان للتقنية فنأتي لنزيد من هذا الادمان بادخال التقنية في التعليم ؟ الا يكفينا اننا لا نستطيع الفرار من التقنية في العمل الوظيفي فنضيفها الى المدرسة ؟
اما ما يتعلق بالبرمجة فهي تنمي مهارات عقلية معينة كما بقية المواد العلمية و الفكرية لكن ان يقال انها ضرورية لكل فرد فأجد ان هذا من المبالغات . هناك مادة المنطق و التي تبني عليها البرمجة و بقية العلوم لماذا لا يوجد هناك دفع باتجاه ادخالها ضمن البرنامج التعليمي ؟ انا شخصيا درست علوم الحاسب و نظم المعلومات و تعاملت مع الكثير من لغات البرمجة و لا اجد الكثير من المفاهيم التي قد تخدم طلاب المدارس الابتدائية بل ازعم ان اغلب المهارات الفكرية التي استفدتها من البرمجة من مثل العمليات الحسابية و المنطقية و الانماط و الخوارزميات و التقييم و الاختبارات و التجريد ...الخ جلها مهارات يمكن تعلمها من دراسة الرياضيات ، الفلسفة ، المنطق بل حتى الاداب. لذلك ارى بأن تبقى البرمجة كمادة تدرس في نهاية السنوات الدراسية فقط و ذلك بهدف ان يطلع الطالب على هذه المادة و يرى ان كانت تستهويه ليتابعها في الجامعة .


دمتم في الرضــــا ،،
(1) بعد انتهيت من كتابة هذه المقالة و انا في طور المراجعة قرأت هذه المقالة من شخصية لها ثقلها في الموضوع ، و اللطيف انها تؤيد ما ذهبتُ اليه بداهة :
http://www.nytimes.com/2015/08/25/upshot/no-you-do-not-have-to-drink-8-glasses-of-water-a-day.html?_r=0