:: كل المقالات ::

Tue, 13 Dec 2016

اقرأ أقـل


بسم الله الرحمن الرحيم

في مناسبات مختلفة أشرت إلى مسألة القراءة وأن مجرد الدعوة إلى القراءة (أعني الكتب) هكذا اعتباطا قد لا يخلو من الأضرار . ربما تصور أن مجرد القراءة نشاط جيد وكله منافع يأتي من باب المقولة المشهورة ” لا يخلو كتاب من فائدة ” ، و لكن لماذا إذًا نعاتب من يقرؤون كثيرًا من الإنترنت والمنتديات والمقالات والجرائد ونضع فائدتها تحت السؤال ونبين عيوبها ولكن ترانا لا نقول شيئًا بمجرد أن تكون القراءة من كتاب ! و كأن الكتاب له قداسة خاصة كونه كتابا ! و المسألة لا تعدو مسألة تغليف ! كثيرًا ما نسمع بإشادات مثل فلان قارئ نهم لا يقع أمام عينيه كتاب إلا قرأه ، وقد سمعت في بعض الندوات من يجيبون على سؤال ماذا نقرأ بـ : اقرأ عن أي شيء ، وفي مناسبة أخرى اقرأ ما تهواه نفسك ..
حتى الأنشطة والندوات والمسابقات والمناسبات الثقافية التي تنظم بهدف ترغيب الشباب في القراءة تعاني من هذه المشكلة فالهدف هو مجرد زيادة عدد الكتب المقروءة بالنسبة لشخص ما .. هذا التركيز على القراءة كمصدر أول وأخير للتعليم والتربية والثقافة قد يعطي شعورا كاذبا بالإنجاز والرضا عن النفس ويهمش بعض الأنشطة التي لا تقل أهمية عن مجرد القراءة مثل التفكير والتخيل والتأمل والتعلم العملي والأهم من هذا كله هو التطبيق وهل ما نقرؤه قد أنزلناه حيز التطبيق ، وإلا ما لي ولقراءة ثمانية كتب في الأخلاق إن لم أطبق ما أقرؤه؟!
هذا مجرد تضييع للوقت ولربما من لم يقرا استفاد من هذا الوقت بتسلية مباحة أو رياضة مفيدة أو صلة رحم تكون أفضل له من هذه الساعات في هكذا قراءة !.

على كل حال كنت منذ زمن أريد أن أكتب مقالة عن القراءة بل الأصح العلم وأنه ليس كل العلوم سواء بل للبعض أولوية على الآخر فبدلا من إضاعة الوقت في تحصيل الجزئيات الغير مهمة يفضل الاستفادة من الوقت القليل و استغلاله في تحصيل العلوم الأجل فالأجل أو على الأقل تحصيل شيء من كلياتها الأساسية .. وكنت سأستعين بما ورد عن بعض علمائنا مثل الخواجه وصدر المتألهين وغيرهما في هذا الصدد إلا أنني قرأت مؤخرا مجموعة مقولات أجنبية توافق ما أرمي إليه فقلت تحب أن تبدأ بهؤلاء أولا وإن وسع الوقت لاحقا نكمل بما ورد عن علمائنا من أجلاء الشرق لأن كلام هذه الطائفة الأخيرة قد لا يقبله الكل..
و سنورد بعض هذه المقولات مترجمة إلى العربية إن شاء الله ، داعيا القارئ الكريم أن يتفكر في مضمونها فإني لن أتجشم عناء الشرح لوضوح المراد و لكن مزيد من التأمل لن يخلو من بعض الفوائد اللطيفة بإذن الله …

” اقرأ أفضل الكتب أولا ، وإلا ستكتشف أنه لا يوجد لديك الوقت الكافي!” هنري ثورو

” المعرفة ليست معرفة حقيقية إلا إذا كانت نتيجة جهودك الفكرية وليست محض التذكر. فقط عندما ننسى ما تعلمناه نبدأ فعلا بالتحصل على المعرفة الحقيقية ” هنري ثورو

“من الأفضل أن تعرف القليل من الأمور الجيدة والضرورية بدلا من الكثير من الأمور المبتذلة والقليلة الفائدة.
أي كنز يمكن أن تحتويه مكتبة صغيرة ! عندما تصحبك مع الحكماء ومن يستحقون من كل أنحاء العالم المتحضر على مر آلاف السنوات ، يمكننا أن نستفيد من عصارة تجربتهم وبحوثهم . تلك الأفكار التي ربما لم يشاركوها مع أقرب أصدقائهم مكتوبة أمامنا بكلمات واضحات. نعم ، يجب أن نكون ممتنين لأفضل الكتب ولأفضل الإنجازات الروحية في حياتنا .” رالف اميرسون
” الحكمة الحقيقية ليست هي معرفة كل شيء وإنما معرفة ما هي الأشياء التي معرفتها ضرورية في الحياة ، وما هي الأشياء الأقل أهمية وما هي الأشياء الغير ضرورية بتاتا.
من أهم الأمور المعرفية ، معرفة كيف نعيش بشكل صحيح أعني كيف نعيش بأقل قدر ممكن من الشر وأكثر قدر ممكن من الخير للغير. في الوقت الراهن يدرس الناس علوما لا فائدة منها وينسون أن يدرسوا هذا الأمر وهو أهم أنواع المعرفة. ” جين روسو
” يمكن تقسيم العلم إلى عدة فروع وكمية المعرفة التي يمكن طلبها لا حدود لها في كل واحد من هذه الفروع. لهذا فان أهم جزء من المعرفة هو معرفة ما هو ضروري أن يتعلم و ما هو غير ذلك .
في الوقت الحاضر لدينا معرفة تراكمية عملاقة ، وقريبا ستكون حياتنا قصيرة جدا لتحصيل كل هذه المعارف. لدينا كنوز عملاقة من المعرفة ولكن الكثير منها لن نستخدمه أبدا بعد تحصيله. فمن الأفضل ألا يكون لدينا هذا الحمل المثقل – المعرفة الغير ضرورية – الشيء الذي لا نحتاجه أساسا.” ايمينويل كانت
* ” كمثل الحمار يحمل اسفارا “
” ليس المهم هو كمية المعرفة بل جودتها . يمكنك أن تعرف الكثير بدون أن تعلم ما هو المهم منها . هناك نوعان من الجهل ، الجهل الخالص والذي يكون مع البشر منذ الولادة . و هناك جهل من يسمون حكماء ! ستجد الكثير من هؤلاء المثقفين ليس لهم خبرة في الحياة الواقعية ولديهم مقت للبسطاء من الناس” بليز باسكال
” هناك معرفة حقيقية واحدة فقط : تلك التي تساعدنا على تحرير أنفسنا . كل ما عدا هذه المعرفة مجرد لهو .” فيشنو بورانا
” أهم أنواع المعرفة هو ما يعينك ويرشدك في طريق الحياة” سينيكا
” الحكيم لا يخاف من قلة المعرفة ، ولا يخاف من الشك ولا العمل الشاق ، ولكنه يخاف من شيء واحد فقط : أن يتظاهر بمعرفة أمور لا يعرفها . عليك أن تدرس كثيرا لتفهم أنك لا تعلم إلا قليلا ” دي مونتيغن
” كل المعلومات التي تتوافر لنا الآن تزيد من مستوايات التوتر عندنا و تقلل من الاوقات المتوفرة لدينا. نحن على عكس المفترض نستهلك اكثر مما ننتج ، نقرأ اكثر مما نفكر. يجب ان نحرص على استهلاك الاشياء المهمة بالنسبة لنا لكي يبقى لدينا وقت لخلق اشياء تساعدنا و تساعد غيرنا . العلم بالاشياء اداة و طريق و ليس غاية في حد ذاته . ما لنا و المعلومات الرديئة الحياة قصيرة جدا “
روبرتو ايستريتينهو
البقية لتولستوي …

” الفرق بين السم المادي والسم الفكري هو أن السم المادي له طعم قبيح ولكن السم الفكري – الذي منه الجرائد الرخيصة والكتب السيئة – يمكنه أن يكون جذابا مع الأسف ..”

“فلينظر الإنسان إلى طعامه ” المادي والفكري !؟
” لو كانت كل المعارف جيدة لكان طلب كل منها أمر مفيد. لكن هناك الكثير من التأملات الفاسدة متقنعة بقناع المعرفة الجيدة ، لذلك يجب أن تكون صارما في اختيار المعرفة التي تريد تحصيلها “

” حذاري من المعرفة الفاسدة فكل الشرور تأتي منها . المعرفة لا حدود لها لهذا الفرق طفيف بين الذين يعرفون الكثير والذين لا يعرفون إلا القليل ” (*أي بالنسبة للمجموع الكلي)

” الجهل في حد ذاته ليس عارا ولا مضرة ، لا يوجد أحد يعرف كل شيء. لكن التظاهر بمعرفة ما لا تعرفه هو المضرة والعار.”

” لكل إنسان هدف واحد هو الوصول إلى الكمال في الخير. لذلك المعرفة الضرورية هي فقط ما تؤدي إلى هذا الهدف.”
“من الأفضل أن تعرف أقل من الضروري بدلا من أن تعرف أكثر من الضروري. لا تخشى قلة المعرفة لكن حقيقة عليك أن تخشى المعرفة الغير ضرورية التي تتحصلها فقط من أجل إرضاء الغرور “

اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع !

” الباحث يعرف الكثير من الكتب ، المثقف الجيد لديه معرفة ومهارة ، الشخص المتنور يعرف ويفهم معنى وهدف الحياة.
هناك عدد لا متناهٍ من العلوم ولكن بدون علم أساسي واحد -معرفة معنى الحياة وما هو خير للبشر – كل العلوم الأخرى تصبح مجرد لهو مضر.
نحن نعيش حياة لاشعورية على خلاف فهم الحكماء للحياة. هذا نتيجة تعليم الأجيال الناشئة بطريقة خاطئة – حيث يدرسون أنواعا مختلفة من العلوم ولكنهم لا يدرسون معنى الحياة !.
العلم الحقيقي الوحيد هو أن يعرف الشخص كيف يعيش حياته وهذه المعرفة مفتوحة للجميع .”

” لا يمكن لأي فكرة أن تدفع بحياتك إلى الطريق الصحيح إلا عندما تكون إجابة عن تلك الأسئلة التي تطرحها روحك . الفكرة التي تستعيرها من شخص آخر ثم تتقبلها في عقلك وذاكرتك لا تؤثر كثيرا على مسار حياتك بل في أحيان أخرى قد تسلك بك الطريق الخاطئ . اقرأ أقل ، ادرس أقل لكن فكر أكثر ! تعلم من أساتذتك ومن الكتب التي تقرؤها فقط ما يهمك وينفعك .

” من أجل إصلاح الناس يجب أن تبدأ بشيء واحد فقط : أن تصلح نفسك أولا .”
دمتم في الرضا