:: كل المقالات ::

Tue, 13 Dec 2016

رواية فارسية "كل سنك"

بسم الله الرحمن الرحيم
اذا كنت ممن يحبون مسرحيات شكسبير التراجيدية فاني ازعم ان هذه الرواية اكثر تأثيرا !
الفرق بين الاثنين ان شكسبير يختلق لنا المأساة اما "صديقة فام" تكتب عن مأساة واقعية فهي لا تحتاج الى اي بهارات لكي تجعل عينك تدمع …ربما ما زاد في تأثيرها علي انني عايشت بعض الاماكن التي تذكر في هذه الرواية .
القصة باختصار تحكي سيرة حياة طفلة من قرى تبريز يتوفى والدها العجوز بسبب سم افعى .. و تتوالى المصائب عليها من حيث الفقر و الجوع حتى تتوفى امها و يستشهد كفيلها في الحرب العراقية الايرانية ثم تكبر في كنف امراة اسمها مريم و ابنتها زهراء .. على كل هذه المصاعب استطاعت هذه البنت ان تأخذ المرتبة الثانية على مستوى ايران في اختبارات القبول فتذهب لطهران لتكمل دراستها و تتوالى الاحداث حتى ينتهي بها المطاف مدرسة في جامعة الزهراء عليها السلام بقـــــــــم .
هذا من ناحية سير الاحداث و الذي دائما تتخلله المآسي و الاحداث الكئيبة .. اما من الناحية الفنية و الادبية:
فالقصة قصيرة نوعا ما و ليست من الروايات التي تتعبك في قراءتها مما يجعل سير الاحداث سريعا جدا فلا يوجد تفصيل كثير الا في بعض الاحيان نجد تفصيلا في وصف المعيشة و بساطتها في القرى و ايضا صعوبة المعيشة ايام الحرب .
العبارات بسيطة تنساب انسيابية جميلة جدا ، لا يوجد كثير من الاشعار او الايات الا في ثلاثة مواطن فقط .. الحوارية قليلة جدا مستعاض عنها بالخطابية المباشرة ، مما يسهل متابعة الاحداث . المحرك الرئيسي في القصة هي المشاعر فهي تتقلب ما بين صفحات الرواية ما يجعلك تبكي احيانا و احيانا تستبشر و احيانا تتعاطف و احيانا قليلة ترسم البسمة .
نادر جدا ان يحافظ الكاتب على قوة العاطفة و التراجيديا طيلة الرواية فعادة المبالغة في التراجيديا تبلد المشاعر و تصبح محض فضاضة … الا في بعض الاعمال القليلة و الذي لمسته في بعض الاعمال و الروايات القليلة منها فيلم اكيرا كوروساوا الاسطوري "ران" فالفيلم على طوله بقي محافظا على اصالة التراجيديا و ختمها بحادثة اليمة جدا ربما هي الاقوى في تاريخ السينما. الفيلم الذي يعني الفوضى باليابانية مستوحى بقوة من مسرحية شكسبير "الملك لير" . العمل التراجيدي فعلا اصعب فن من الفنون لان التأثير على قلب المشاهد او القارئ ليس ببساطة رسم الابتسامة في الاعمال الكوميدية. و هذا ما وجدته بينا في هذه الرواية الا ان كونها سرد لسيرة ذاتية جعل الكاتبة تحافظ على دقة المعلومات و انهاء الرواية النهاية الحقيقية و الا لو انها اتبعت الطريقة الادبية لكانت النهاية اكثر تراجيدية !
رائع رائع،