:: كل المقالات ::

Tue, 13 Dec 2016

لمحة على " المناجاة نامه "

بسم الله الرحمن الرحيم

" مناجاة نامه " و " الهي نامه " او بالعربية " رسالة المناجاة " و " رسالة الالهيات " ، سميت رسالة المناجاة لانها عبارة عن مقطوعات يناجي بها المصنف ربه في خلوات الليل و يتضرع اليه بقلب اتعبه الشوق و الحنين و بجسد انهكته العبادات و الرياضات . و اما تسميتها برسالة الالهيات فهذا لان كل مقطوعة فيها تبدا بكلمة " إلهي " و هذه الكلمة العظيمة دائما ما نراها في صدر الادعية المأثورة فأغلب الادعية تبدا باللهم. فأي كلمة افضل لافتتاح المناجاة مع رب السموات و الارض و رب العالمين من كلمة الهي و التشرف بنسبة الياء هنا ؟ فهذه الياء تخلق جوا من القربة و الالفة بين العبد و ربه يدخل من خلاله العبد الى عالم المناجاة و التشكي للمحبوب.
238 مقطوعة متفاوتة الطول و الحرارة ! اعني حرارة الشوق و الدعاء .. المقطوعات متباينة جدا في اسلوبها فمن الاعتراف بالتقصير الى الشوق و من الخوف الى الرجاء و فيها اصرار شديد في طلب و تقصي المعنى الواحد مثلا انظروا الى هذا المقطع كيف يؤدي نفس المعنى في كل شطر و لكن بطرق مختلفة :
الهي
(1) على الوجنة من خجلنا احمرار
(2) و في القلب من الحسرة الم
(3) و من الذنوب على الوجه اصفرار
(4) و نحن مصرون على الذنوب، مقرون بالتوحيد !
طبعا في كل مقطوعة يتبع المصنف اسلوب التقطيع و يقفي نهاية كل شطر بحيث ينتج لنا نغما موسيقيا جميلا و نثرا سلسا مطربا . و لا غرابة في ذلك فهو في كتاب منازل السائرين ابدع في النثر بشكل غريب بعيد جدا عن التكلف يأسر الالباب .
من الجدير بالذكر هنا ان المصنف ربما ادرك ان هذه المناجات لن تكون حصرا عليه فأدخل فيها شيئا من اللفتات اللطيفة و الحكم ، كلفتته هذه :
" الفاسق قبيح ، و الزاهد طالب للجنة !"
و كأنه يشير الى نقطة خلل عند الزهاد فهم يزهدون في الدنيا طمعا في الجنة اي يتطلعون للاجر. و احيانا نراه يشير الى صعوبة الطريق فيقول : القلب في القرب كرم ، و الروح في انتظار ، و في الاتي حجاب كثير .
و قوله:
" الهي ارفع الحجب عن طريقنا و لا تكلنا الى انفسنا . "
ملاحظ ايضا استخدامه المقابلة كثيرا فتراه في نص يقول:
عندما ننظر اليك ،، ملوك و تاج على الرأس
و عندما ننظر الى انفسنا ،، طين و من الطين اسوء
فهنا يقابل بين حال الانسان الذي يصل لاعلى الرتب بانقطاعه الى الله و الانسان الذي يخلد الى الارض فيصبح كالانعام بل اضل سبيلا .
المحصلة : كتاب ديني ادبي رائع جمع بين بلاغة العبارة و حلاوة اللفظ و آلف بين المضمون و السرد و مزجها بموسيقى و تراكيب رنانة و حلاها ببلاغيات كثيرة و رصعها بحكم و فوائد جليلة فصنع لنا تحفة جديرة بأن توضع في صف كتب الوجد و المناجاة.
المؤلف الخواجة عبدالله الانصاري من موضوع سابق في المدونة :
http://alyassen.com/blog.pl/manazel.html

دمتم في الرضا ،