:: كل المقالات ::

Tue, 13 Dec 2016

قراءة في "بوذا قصة تنوير" لديباك شوبرا

بسم الله الرحمن الرحيم
العنوان الانجليزي للرواية : Buddha – A story of enlightenment
الكاتب باختصار :
هو ديباك شوبرا مؤلف اكثر من عشرين كتابا مترجمة الى خمس و ثلاثين لغة عالمية . و صاحب الكثير من اعلى الكتب مبيعا عند "نيويورك تايمز" سواء الكتب الخيالية او الواقعية. لديه قناة راديو تناقش مواضيع مختلفة مثل: الحب و النجاح و الجنس و العلاقات العامة و الروحانيات.
صنفته مجلة التايمز ضمن قائمة اهم مائة شخصية في القرن العشرين.
و للاطلاع على موقعه الشخصي اتبع الرابط ادناه:
www.deepakchopra.com
القصة :
ينقلنا الكاتب في قصة ملحمية تبدا بمعركة كبيرة تتهاوى فيها الفيلة صرعى و من ثم ينتقل الى اجواء مغايرة حيث مايا زوجة الملك تضع مولودها في ظروف صعبة و فترة حمل استمرت لمدة عشرة شهور. نصف الرواية يتحدث عن طفولة سدارتا و مغامراته و كيف ان اباه حجزه في قصره كي لا يرى شيخا و لا مريضا .. طبعا ، الكاتب هنا اضاف الكثير من الاحداث الخيالية و الشخصيات الخيالية ايضا . و اما الثلث الثاني من القصة فهو يحكي عن جواتما المتقشف و الامير الذي رمى بنفسه بين اشجار الغابة في محاولات للوصول الى مرحلة التنوير. و اما الثلث الاخير و هو اقصرها يحكي لنا عن مرحلة ما بعد التنوير مع القليل من الخيال . و ترك الكاتب القصة مفتوحة النهاية و لم يغلقها حيث اقترح بعض النهايات لبعض الابطال في القصة و لكنه لم يجزم ايها هو الصحيح .
البطل :
هو سدارتا جواتما او بوذا المعروف . عاش قبل المسيح بخمسمائة سنة تقريبا و كان اميرا و لكنه ترك حياة الترف و تتلمذ عند راهبين في مرحلة التقشف و لكنه تركهما عندما لم يجد ضالته. و بعد سعي حثيث وصل الى مرحلة التنوير و باشر دوره التبشيري مدة امتدت الى خمس و اربعين سنة. و بغض النظر عن تعاليمه التي ربما طالتها يد التحريف كما طالت تعاليم المسيح على الرغم من تباعد السنين بينهما ، فحياة بوذا مليئة بالدروس و النوادر و الاجمل ان الكاتب لم يحاول ان يرينا سيرة ذاتية تاريخية بقدر ما ارادنا ان نشعر بنفسية بوذا منذ ان كان طفلا الى ان اصبح بوذا .. و قد نجح فعلا في ذلك.
الشخصيات :
هنا يوجد الكثير ليقال فميزة الرواية انها ليست سردا لحياة شخص ما و انما تمتاز بأبطالها و احداثهم و الرواية فعلا كانت قوية من حيث تطور الشخصية الاساسية ثم تطور الشخصيات المساندة و اخيرا بعض التطور لشخصيات ثانوية . فمن شخصيات الرعيل الاول والد بوذا و ديفيتا و شانا و مارا …الخ اما الشخصيات الثانوية فقد توزعت على ابواب الرواية و تغايرت نسب مشاركتهم في الاحداث . الغريب في الامر هنا ان الكاتب تكلم كثيرا عن ديفيتا و سوجيتا و هما كما يظهر لي شخصيات خيالية و لم يعط زوجة بوذا و لا امه ذلك التركيز المطلوب و ايضا سوجيتا الثانية لم نعرف مصيرها بل و سوجيتا الاولى لم نعرف لماذا كانت نهايتها بائسة و باردة؟!
الاسلوب :
هو نثري سهل ممتنع بعيد عن الشعر و لكن وصفي لدرجة بعيدة تخال ان الشخصيات متجسدة امامك . لا ابالغ اذا قلت اني عند قراءتي للرواية من قوة الوصف كنت اشعر باجواء الرواية شعورا حقيقيا فمثلا عندما تكلم عن بوذا و هو في الكهف احسست بالبرودة و الضعف و كأني مع بوذا في كهفه. ايضا عندما ذهب بوذا تاركا زوجته و طفله كنت على وشك البكاء من الحزن و الرحمة لمنظرهما.
الخلاصة قدرة الكاتب في الوصف ساحرة تجعل عقلك ينقلك الى تلك الاجواء الهندية و لا ابالغ ان قلت ان الرواية كانت افضل من فيلم بوذا نفسه مع احترامي لكيانو ريفز كممثل له وزنه .
الحاصل :
رواية عجيبة و احداث لا تمل في 278 صفحة باللغة الانجليزية قرأتها في يومين فقط . ميزتها ان الراوي كأنما عاش مع بوذا او كان احد تلامذته و جاء ينقل لنا سيرة بوذا لا عجب ان يختار واحدا من افضل الكتاب ! و مزج لنا في هذا الكتاب التاريخ بالخيال و الشياطين بالملائكة و الفجور بالتقشف و المشاعر بالهواجس و الامال بالكوابيس .. و ناجى العقل و بث في الرواية انفاس بوذا الفلسفية باسلوب سهل ممتنع مع قدرة عجيبة في وصفه لمجالس اللهو و المعارك و جلسات التأمل … كاتب عبقري و رواية لا تنسى ابدا. قيل في القصة و كاتبها الكثير و لكن لم اصدق كل هذا الثناء الا بعد ان قرأتها بنفسي و انصح بها كل قارئ.
دمتم في الرضا ،