:: كل المقالات ::

Tue, 13 Dec 2016

نقد المجلات العربية

بسم الله الرحمن الرحيم
سألني احد الشباب لماذا لا تقرا المجلات العربية ؟ قالها و هو ينظر الى مكتبتي الشخصية التي تحوي كل شيء باستثناء المجلات العربية و التي اكتفيت منها فقط باعداد يسيرة جدا لا تتناسب مع حجم المكتبة.
المجلات العربية لا تقدم لي شيئا ! كما انها لا تخرج من حالات :
مجرد تسويد صفحات و هذه لا تحتاج لامثلة.
مجرد استعراض عضلات للثروة الادبية لكاتبها .
مجرد ترجمة لمقالة اجنبية.
مجرد مقالة تترجم من عدة مقالات اجنبية ثم تطرح على انها دراسة !
الشيء الاخير التحرج من ذكر المصدر ، و عدم مصداقيتها و ظهور السرقات العلنية من المدونات العربية و المواقع … هكذا كان جوابي
قرات مقالة في مجلة القافلة التي تنشرها شركة الزيت السعودية ( ارامكو) ، بعنوان كريس لانجان اذكى من اينشتاين و لكن ! للكاتب اليمني هاني صالح ، يتكلم فيها عن المدعو كريس لانجان و المشتهر باذكى رجل في امريكا بمعدل ذكاء يقدر بـ 195-200 ، و يبدا الكاتب في سرد مختصر عن حياة هذا الرجل العبقري ليختم مقالته بسؤال: ماذا لو ظهر في حياة كريس لانجان منذ البداية شخص استطاع أن يهديه إلى أن الفرق بين الإنسان العادي والعبقري هو في القدرة على التناغم مع الذات ومع الحياة، وأن الأمر وإن كان صعباً فليس مستحيلاً.. هل كنا وقتها سنرى اينشتاينا آخرا؟ ما الذي أخذه من التعليم المستقل، وما الذي حرُم منه بسببه؟ وهل لو استمر في التعليم الجامعي، لكانت طبيعة إنجازاته مختلفة؟
الى الان شيء جميل اليس كذلك ؟
لكن مع الاسف اقول لكم ان المقالة برمتها مترجمة حرفيا من الويكيبيديا الانجليزية ! باستثناء اخر مقطع . فلم لا يذكر الكاتب انه مترجم للموضوع ؟ بل هذه مهمة اسرة تحرير هذه المجلة التي تتباهى بمكانتها العلمية !
الم يتعب احد من اسرة التحرير نفسه و يبحث عن هذا الرجل لانجان ليجد ان هذا الموضوع ليس سوى ترجمة حرفية من الويكيبيديا ؟ و عندما اقول حرفية فأنا هنا اعني ما اقول خذ كمثال:
“ولد كريستوفر ميشيل لانجان بسان فرانسيسكو عام 1957م, وقضى معظم سنوات طفولته في مونتانا. توفي والده أو اختفى قبل أن يبصر هو النور. أما والدته فقد كانت ابنة أحد تجار الشحن الأغنياء؛ ولكن عائلتها قاطعتها في مرحلة مبكرة من حياتها.“
Langan was born in San Francisco and spent most of his early life in Montana. His mother was the daughter of a wealthy shipping executive but was cut off from her family; his father died or disappeared before he was born.
بل اترك لكم قراءة المقالة الاصلية هنا :
http://en.wikipedia.org/wiki/Christopher_Michael_Langan و المقالة المترجمة هنا :
http://www.qafilah.com/articlesdesc.php?id=52&id_cat=7&id_edition=64 و عليكم مهمة البحث عن الفروقات !..
على كل حال لست في صدد الهجوم على هذا الكاتب بقدر ما انا محبط من المجلات العربية التي قاطعتها منذ فترة ليست بالقصيرة و اكتفيت بالمواقع الانجليزية و كتبهم فهي على الاقل تتمتع بالاصالة . شيء غريب فعلا ان نكون مترجمين و لا نذكر المصدر ! لا بل ننسبها الى انفسنا . هذا في حد ذاته يكفي لان يعري هذه المجلة و بقية المجلات العربية من مصداقيتها .
الاعتماد شبه التام على ويكيبيديا اصبح ظاهرة غريبة جدا حتى ان فاطمة الجفري اعتقد انها المسؤولة عن قافلة الابحاث ( دقق لي على لفظة الابحاث ! ) في هذه المجلة في مقالتها :
نظريات وحلول حسابية من كل نوع ..
على ظهر الورقة
و التي نشرت في ذات العدد الذي نشرت فيه المقالة السابقة ، تبدا بخطوط عريضة و دعاية قوية
"فاطمة الجفري تعرض آخر ما توصلت إليه الدراسات في تقييمها للدور الذي يؤديه هذا النمط من عرض الأفكار وإجراء الحسابات واقتراح الحلول، بعدما حظي بأسماء عديدة منها: على ظهر المظروف، على ظهر المنديل، على صفحات الكشكول، أو بكل بساطة على ظهر أية ورقة"..
و لكن بعد قراءة المقال نرى ان فاطمة الجفري هي الاخرى بدورها معتمدة اعتمادا ثقيلا جدا على الويكيبيديا و ان يكن من عدة مقالات !
اليس هذا موجود حرفيا في الويكيبيديا :
In the hard sciences, back-of-the-envelope calculation is often associated with physicist Enrico Fermi who was well known for emphasizing ways that complex scientific equations could be approximated within an order of magnitude using simple calculations. He went on to develop a series of sample calculations which are called “Fermi Questions” or “Back-of-the-Envelope Calculations” and used to solve Fermi problems.
هذا مقالها الاصلي :
http://www.qafilah.com/articlesdesc.php?id_edition=64&id_cat=6&id=43 هيكل موضوعها مبني تماما على هذا المقال :
http://en.wikipedia.org/wiki/Back-of-the-envelope_calculation
مع اضافات من مقالات اخرى ..
اي فضل في دراستها هذه اذا كانت موجودة في الويكيبيديا .. كان على الجفري لو انها فعلا كاتبة و باحثة متميزة ان تدرس لنا هذا النمط من عرض الافكار و تسقطه على الواقع العربي او على الاقل ان تضيف لنا امثلة لا نعرف عنها في الويكيبيديا ! او اضعف الايمان ان تضيف رايها الشخصي او تعطي بعدا دراسيا من الواقع الاجتماعي لا ان تكتفي بالترجمة و السرد و من ثم لا تذكر الويكيبيديا على انها المصدر !
الحقيقة من يقرا ما كتبه عبدالله المغلوث في جريدة الوطن بحق هذه الكاتبة يتوقع ان يرى اكثر من مجرد مترجمة او منسقة مواضيع كيف و هي مسؤولة قافلة الابحاث. و لكن الحقيقة اني لا اجد غير عبارته هو في وصفها : فاطمة أكبر مضللة للقارئ. !
نعم اكبر مضللة من حيث الوعود التي في نهاية المقالة لا نراها الا سرابا !
تفضلوا اقروا ما كتبه عنها :
http://www.alwatan.com.sa/news/writerdetail.asp?issueno=2597&id=2977&Rname=91
و لكني سأحمل هذا الموضوع على انه من المجاملات الادبية اللطيفة !
النقطة التي اثارت دهشتي ايضا في هذا الموضوع قول المغلوث :
أكثر ما يلفتني في فاطمة هو إخلاصها. فهي أنفقت أكثر من 72 ساعة لترجمة فصل واحد من رواية بيكولت التي تطرح أسئلة شائكة تتعلق بتطوير التصميم الجيني ومتفرعات الهندسة الوراثية.
فهذا شيء عجيب فعلا ! هل يستكثر 72 ساعة لترجمة فصل يدعي انه رواية صعبة ؟ الا يعلم بانه يوجد خبراء تصميم رقمي يقضون 25 ساعة لتصميم واحد ؟ و من كتابنا القدامى من يقضي عمره كله في تصنيف كتاب واحد ؟ لا اعتقد اني احتاج لذكر امثلة هنا ..
اعتقد ان المترجم المخلص يعتبر 72 ساعة فنجان قهوة ! المترجم المخلص لا يتعامل بالساعات بل بالسنوات مثل ما فعل مترجم رباعيات الخيام !
و لن استطرد كثيرا في ذكر مهازل المجلات العربية التي تتقن فن تضليل القاريء ، حيث الاخراج الجميل و العناوين الواعدة و في النهاية لا شيء او الشيء القليل ! الملاحظ عند هؤلاء الصحفيين او الكتاب انهم متسلحون جيدا باسلحة تضليل القاريء !
العبارات المنمقة
الامثال الشعبية
المحسنات البديعية
ذكر الاعلام
كلها فقط ستار على خواء المضمون ليس الا !
قرات مقالة في مجلة العربي لا اذكر كاتبها الان كان يتكلم عن رحلة مصورة عن اليابان و بعد قراءة الكثير من الصفحات لم اخرج الا بالقليل جدا من الفائدة و المعلومات عن تلك الدولة و عاداتها و تقاليدها حيث يمكنني تلخيص هذه المعلومات في فقرة قصيرة . لماذا هذا ؟ لانه في حقيقة الامر المعلومات ضائعة في بحر الصنعة الادبية ! و ليت انها على الاقل صنعة ادبية عالية المستوى !
على كل حال ما اريد قوله ان الصحفيين لديهم اسلوب ذكي في التمويه و التضليل على القاريء فلو تريده ان يكتب موضوعا بكبر حجم المجلة عن موضوع ما ، للبى لك طلبك ! بابتسامة عريضة ! و لكن المشكلة انها مجرد زخارف خارجية و اما المضمون فهو اصغر مما تتصور … هذا فن التفخيم و التمويه و التضليل و حتى التدليس !
في النهاية اقول شكرا ! لا اريد كتابا مغرورين و لا مجلات همها مكانتها الشعبية ! و سأكتفي ان اردت القراءة العامة بالمقالات الاجنبية التي تتميز باصالتها و ابداعها و اسلوبها المباشر البعيد عن التهويل و التضخيم .
عجبي لا يكاد ينقضي من تواضع الكتاب و المبرمجين الاجانب من ناحية و من غرور و عنجهية الكتاب العرب و المجلات العربية من جهة اخرى !
رحم الله ابا تمام حين قال :
صديقك منهم مضمر عنجهية — فسائقه تيه و قائده كبر
** في بعض الجامعات الغربية لا يسمح للطلاب ان يعتمدوا على ويكيبيديا**